بعد أسبوعين في السلطة... نتنياهو ينطلق في تنفيذ أجندة متشددة

بعد أسبوعين في السلطة… نتنياهو ينطلق في تنفيذ أجندة متشددة

سارعت الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تنفيذ أجندة قومية متطرفة، تتضمن حظر استعراض العلم الفلسطيني، علاوة على زعزعة أسس الديمقراطية داخل إسرائيل من خلال هجوم قانوني مقترح ضد المحكمة العليا.
وبعد أسبوعين فقط في السلطة، شرعت أكثر حكومة متشددة وذات صيغة دينية في تاريخ إسرائيل، في تأجيج الانقسامات في الداخل والتحرك نحو الصدام مع الفلسطينيين وحلفاء إسرائيل بالخارج، بحسب تقرير وكالة «أسوشييتد برس».
وفي غضون أيام من توليه رئاسة الوزراء، زار وزير الأمن القومي بحكومة نتنياهو، إيتمار ين غفير، أكثر الأماكن المقدسة حساسية داخل القدس. واعتبر الكثيرون الزيارة في حد ذاتها استفزازاً، بالنظر إلى دعواته السابقة لمنح المصلين اليهود قدرة أكبر على دخول المكان. وأثارت الزيارة تنديدات من الجانب الفلسطيني وبيانات غاضبة من الولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل من العرب.
واستهدف نتنياهو كذلك القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة المعترف بها دولياً. وفد نجح الفلسطينيون في حشد الجمعية العامة للأمم المتحدة للسعي خلف استصدار رأي قانوني من محكمة العدل الدولية، بخصوص السياسات الإسرائيلية في الضفة والقدس الشرقية المحتلتين. واستجابت إسرائيل بسلسلة من الإجراءات العقابية. وقد أضرت بعض هذه الإجراءات بالفلسطينيين بشدة، مثل حجب عوائد ضريبية بقيمة 40 مليون دولار.
بجانب ذلك، هناك خطط لوقف تطوير قرى فلسطينية داخل أجزاء خاضعة للسيطرة الإسرائيلية بالضفة الغربية. وحظر استعراض العلم الفلسطيني داخل إسرائيل، بل وفضت السلطات الإسرائيلية اجتماعاً لعدد من أولياء الأمور الفلسطينيين، في القدس الشرقية، كانوا يناقشون أوضاع أبنائهم في المدارس. وادعت إسرائيل أن الاجتماع جرى تمويله من قبل السلطة الفلسطينية، دون توفير دليل يدعم هذا الادعاء. ومن جهته، اتهم رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية، الاثنين، إسرائيل بمحاولة «إسقاط السلطة ودفعها نحو الحافة، مالياً ومؤسسياً».
داخلياً، كشف نتنياهو وحلفاؤه النقاب عن خطة كبرى لإصلاح منظومة العدالة داخل البلاد. ويتمثل المقترح المحوري في منح البرلمان سلطة إلغاء أحكام صادرة عن المحكمة العليا من خلال أغلبية بسيطة. وقال نقاد إن هذا من شأنه تدمير النظام الديمقراطي بإسرائيل القائم على الضبط والتوازن.
وخرج آلاف الإسرائيليين في مظاهرة خلال عطلة نهاية الأسبوع ضد الإصلاح القانوني المقترح، وحذر الرئيس السابق للمحكمة العليا، أهارون باراك، من أن الخطة ستحول إسرائيل إلى «ديمقراطية خاوية». وحذر بيني غانتز، وزير الدفاع السابق، والموجود بصفوف المعارضة حالياً، من أن نتنياهو يدفع البلاد باتجاه «حرب أهلية».
بوجه عام، يهيمن على الائتلاف الحكومي العناصر المتشددة التي تمقت الفلسطينيين وتعارض فكرة عقد محادثات سلام وترفض قيام دولة فلسطينية مستقلة. على سبيل المثال، يعتبر بن غفير من أتباع حاخام راحل متشدد كان يدعو لطرد جماعي للفلسطينيين من البلاد.
بجانب ذلك، نجد بن غفير الذي أدين منذ عقد باتهامات تتعلق بالتحريض والإرهاب الداخلي، يتولى حالياً منصب وزير بالحكومة الجديدة ويتولى الإشراف على جهاز الشرطة. أما شريكه المتشدد، بيتسلايل سموتريش، فهو زعيم استيطاني تولى مسؤولية أعمال بناء المستوطنات بالضفة الغربية.
من جهته، أبدى نتنياهو، الذي تجري محاكمته بناءً على اتهامات بالفساد، استعداده لتخويل السلطة لشركائه، نظراً لأنهم يشاركونه كراهيته للنظام القانوني الذي يرون أنه نخبوي ومعادٍ لهم. وثمة اعتقاد واسع النطاق، أن الإصلاح القانوني الذي يقوده وزير العدل ياريف ليفين، الصديق المقرب من نتنياهو، سيؤدي في نهاية الأمر إلى إسقاط الاتهامات الموجهة لرئيس الوزراء.
في هذا الصدد، أعرب ناداف إيفال، المعلق الإسرائيلي ومؤلف كتاب «التمرد» (حول صعود الشعبوية والقومية عالمياً)، عن اعتقاده بأن «هذه أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفاً على الإطلاق. وإن ما نعاينه الآن هو تطبيق لأفكارهم وهم بصورة أساسية ينفذون ما وعدوا به». مضيفاً: «إلى حد كبير، لم يدرك المجتمع الدولي والكثير من الإسرائيليين أنهم مصممون على تنفيذ تعهداتهم بالفعل، وليس أمامهم ما يمكنه التصدي لهم على الصعيد السياسي».
وقال ناحوم بارنيا، كاتب الرأي المخضرم لدى صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن نتنياهو، على ما يبدو، «يختبر الأوضاع» من خلال السماح لشركائه بالترويج لسياسات متشددة، في الوقت الذي يحاول فيه تجنب التعرض لانتقادات دولية. إلا أن نتنياهو سيواجه مشكلات في كبح جماح شركائه في الائتلاف الحاكم «لعدم وجود شركاء فيما يخص السياسات الأكثر اعتدالاً». وأعرب عن اعتقاده بأنه ليست هناك مصلحة لنتنياهو في الدخول بصدام مع إدارة بايدن. وفي الأسبوع الماضي، قال ليفين إن خططه لإضعاف المحكمة العليا لا تعدو كونها «المرحلة الأولى من العمل».
وتدعو الإرشادات التي نشرتها الحكومة إلى بناء المزيد من المستوطنات بالضفة الغربية، وتقنين أوضاع العشرات من الوحدات التي جرى بناؤها على نحو غير قانوني، وأخيراً ضم المنطقة بالكامل. ومن شأن هذه المقترحات ضمان الدخول في صدام مع الولايات المتحدة والفلسطينيين والمجتمع الدولي، على نطاق واسع. وتعاين الضفة الغربية بالفعل أسوأ موجة أعمال عنف منذ قرابة عقدين.
وحتى اليوم، أصدرت إدارة بايدن سلسلة من البيانات التحذيرية التي تشدد على عمق الروابط مع إسرائيل، مع التأكيد في الوقت ذاته على التزام واشنطن بحل الدولتين.
ومن الممكن أن تزداد النبرة الأميركية حدة، عندما يزور مسؤولون بارزون، بينهم مستشار الأمن الوطني جيك سوليفان ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ـ إسرائيل قريباً.

اقرأ ايضاً
ضغوط على عباس لعقد المؤتمر الثامن لـ«فتح»

المصدر: الشرق الأوسط

شاهد أيضاً

وقف كامل للحرب على غزة

حماس: أي صفقة يجب أن تتضمن وقف كامل للحرب على غزة

بالرغم من استمرار جهود الوساطة الدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة ومصر وقطر، للتوصل إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *