بعد ساعات من ظهور ابنه على شاشة إحدى قنوات التلفزة من العاصمة المصرية القاهرة، فوجئ رجل يمني طاعن في السن بقياديين حوثيين رفقة مسلحين يحاصرون منزله في محافظة المحويت شمال غربي العاصمة اليمنية المحتلة صنعاء. طالبوه بالمثول لديهم في مقر أمني تابع لهم لتفسير ما فعله نجله.
في المقر الأمني، حاول الأب إقناع القياديين الحوثيين أنه لم يكن على علم بموقف ابنه الذي يعمل صحافياً، ولا حتى بسفره خارج البلاد؛ إلا أن القادة الحوثيين لم يقتنعوا بكل تبريراته، وطلبوا منه التبرؤ من ابنه علانية بوثيقة مكتوبة، ورغم صعوبة الموقف فإن الرجل طلب منهم مهلة للتنفيذ.
هذه الحادثة التي طلب أصحابها حجب أسمائهم لم تكن سوى مؤشر لوقوع النازحين اليمنيين من مناطق سيطرة الميليشيات في مرمى الابتزاز، وهي جانب من معاناة شريحة واسعة تجد صعوبة في إبداء مواقفها من الانقلاب وممارسات الانقلابيين؛ خوفاً على عائلاتهم من التنكيل والابتزاز، بينما يقع آخرون في فخ العودة.
يكشف الصحافي لـ«الشرق الأوسط» إبلاغ والده بما حدث عبر رسالة نصية من هاتفه، وعاتبه لإقدامه على الظهور وإعلان موقفه المناهض للحوثيين، ليشارك والده صعوبة الموقف والعبء الناجم عنه، وأقنع والده بأن الأمر لا يتعلق بموقفه من الانقلاب فحسب؛ بل بمزاولة مهنته وممارسة عمله، فهو لا يملك مصدر دخل آخر إلا عمله صحافياً. ويقول: «اضطررت إلى إقناع والدي بالتبرؤ مني كما طلب الانقلابيون الحوثيون، ورغم أن والدي أبلغني أن نتيجة التبرؤ مني قد تعني مصادرة أملاكي بتهمة الخيانة والعمالة. ذكّرت والدي أني لا أملك أموالاً يمكن مصادرتها، وحتى إن كنت أملكها، فهي لن تكون أهم من سلامة العائلة».
منذ أعوام بدأت الميليشيات مصادرة أموال النازحين من مناطق سيطرتها بتهم مزعومة عن «الخيانة والعمالة والارتزاق»، عبر كيان مستحدث بمسمى «اللجنة المركزية المكلفة باستكمال الإجراءات القانونية ضد المتورطين في الخيانة»، وهو الكيان الذي أنشأه القيادي الحوثي صالح الشاعر، والمكلف من قبل زعيم الميليشيات بمصادرة وإدارة أموال وعقارات السياسيين والناشطين والصحافيين الهاربين من بطش الميليشيات.