الديمقراطية الأمريكية في اختبار حاسم أمام ادعاءات تزوير الانتخابات 2020

بقلم د.أسامة السقاف خبير العلاقات الدولية – متخصص في شؤون أوروبا وأمريكا

لما يقرب من عامين، قبل بداية الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لعام 2020، كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وأنصاره يزعمون أن الديمقراطيين سيتلاعبون بها.

من الضروري، من أجل بقاء الديمقراطية في الولايات المتحدة، أن يتم إثبات نزاهة الانتخابات للانتخابات الرئاسية لعام 2020 بما لا يدع مجالاً للشك، ومع ذلك فإن مسؤولية التمرد الذي حدث في السادس من كانون الثاني (يناير)، 2021 تقع على عاتق أولئك الذين حرضوا الحشد المناصر للرئيس الخاسر للإنتخابات دونالد ترامب.

هذا يعني أن التحقيق الحالي الذي تجريه لجنة منتقاة في مجلس النواب في أحداث ذلك اليوم المشؤوم – والرواية التي نشرها ترامب وأنصاره عن خسارته في عملية انتخابية مزورة – أمر بالغ الأهمية لمستقبل الولايات المتحدة فيما هو يمكن القول إنها أكثر الأزمات تداعيات على الديمقراطية الأمريكية.

الوصول إلى الحقيقة حول الأحداث التي أدت إلى الهجوم العنيف والقاتل على مبنى الكابيتول هيل لا يجب أن يكون قضية خلافية، بل هو قضية كان يجب على جميع المشرعين الذين يهتمون برفاهية وبقاء النظام الديمقراطي أن يطالبوا به، بشكل غريزي وفوري.

حقيقة أن معظم المشرعين الجمهوريين اعترضوا على نتائج التحقيق تشير إما إلى أن لديهم شيئًا يخفونه فيما يتعلق بالصلة بين سلوك ترامب بعد الانتخابات وأسوأ هجوم في تاريخ البلاد على مؤسساتها الديمقراطية، أو أنهم وحزبهم خائفون جدًا من الإتهامات الملقاة عليهم.

ومع ذلك، فإن ما تم تقديمه الأسبوع الماضي خلال الليلة الأولى لجلسات الاستماع يجب أن يقلق ليس الأمريكيين فقط ولكن أيضًا أولئك الذين ما زالوا يرون الولايات المتحدة كزعيم للعالم الحر، أو يتوقون لإعادة تأسيس نفسها في هذا الدور.

صورت شهادة تلو شهادة من بعض أقرب مساعدي ترامب السياسيين أولئك المحيطين بالرئيس على أنهم منقسمون إلى معسكرين: أحدهما يتمتع بالفطرة السليمة والنزاهة والشجاعة لتقديم المشورة لترامب بعدم إعلان النصر مبكرًا ليلة الانتخابات لسبب واضح وهو النتيجة. لم يكن النصر واضحًا في تلك المرحلة واذا كانت هناك كفة راجحة فإنها كانت تشير إلى انتصار بايدن.

وحثت المجموعة الأخرى، بقيادة رودي جولياني، ترامب على إعلان أنه تغلب على منافسه الديموقراطي – على الرغم من معرفته أن الادعاء كان سابقًا لأوانه في أحسن الأحوال، وفي أسوأ الأحوال خاطئًا عن عمد، وأنه كان بداية لبناء فكرة حدوث “احتيال كبير” لضمان فوز بايدن.

لجنة التحقيق في نزاهة الانتخابات

مهمة لجنة التحقيق هي استكشاف ما إذا كانت هذه الكذبة المطلقة، التي كرّرها الرئيس الخاسر مرارًا وتكرارًا، إلى جانب تحريضاته المستمرة ضد كل من تحداه في ذلك، قد أدت إلى اقتحام مبنى الكابيتول وتدنيسه.

على مر السنين، ظهرت فجوة هائلة بين القيم التي يعتز بها الأمريكيون الأكثر تقدمية وليبرالية على السواحل الغربية والشرقية، وتلك التي تروج لها القوى الأكثر محافظة التي تعيش بشكل رئيسي بينهما.

يشعر المحافظون أن طريقتهم في الحياة مهددة بعد الانتخابات الرئاسية 2020، وبنفس القدر من الأهمية، يقومون برعاية النخب الاقتصادية والفكرية التي يرون أنها تسيطر على جميع مراكز القوة. وقد أدى ذلك إلى خلق أرضية خصبة لأسلوب ترامب الشعوبي، والذي بالرغم من خلوه من أي مادة أيديولوجية، إلا أنه يتلاعب بنجاح بمخاوف وعواطف الملايين، خاصة في أوقات عدم اليقين في جميع أنحاء العالم.

ولكن لأنه لا يزال هناك قوة جبارة داخل الحزب الجمهوري وأنصاره، وله تأثير كبير في اختيار المرشحين لانتخابات منتصف المدة في وقت لاحق من هذا العام، ولأنه من المرجح بشدة أنه ينوي الترشح للرئاسة في عام 2024، يجب الكشف عن نواياه الحقيقية من خلال التحقيق الحالي في تمرد 6 يناير.

كان القرار الذي اتخذته اللجنة المختارة ببث شهادات المقربين من ترامب، للسماح للجمهور بالاستماع إليها والحكم على مزاياها بأنفسهم، خطوة ذكية وضرورية. يحتاج الناس في جميع أنحاء الولايات المتحدة إلى سماع كيفية تقديم الادعاءات الكاذبة التي شككت في شرعية انتخاب بايدن.

قد يؤدي كسر أسطورة الانتخابات المزورة إلى إغلاق فصل مظلم في تاريخ البلاد. والأهم من ذلك، إذا كانت الولايات المتحدة ترغب في أن يتم تبجيلها وهو الشيء الذي لطالما كانت تطمح إليه، فعليها أن تضع كل هذا وراءها وتعود إلى خطاب يقوم على الواقع وليس الخيال، وخطاب متحضر وحوار وطني بنّاء مع مضمون حقيقي له.

الآراء التي عبر عنها الكاتب في هذه المقالة هي آراء خاصة ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر اخبار السعودية 24

المصدر: اخبار السعودية 24