هل حقاً مازالت إيران تفكر بالإنتقام لقاسم سليماني .. متى وأين؟

بعد الاغتيال الذي تعرض له قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، في بغداد في يناير 2020، يبدو أن إيران لم تنسى الموضوع. طالبت إيران بإصدار إشعار أحمر من قبل “الإنتربول” لمطالبة المسؤولين عن الاغتيال. ومع ذلك، يبدو أن إيران تنوي الرد بأكثر من مجرد إجراءات قانونية، حيث أطلقت صواريخ على قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق.

هناك احتمالية لتنفيذ هجمات انتقامية من قبل إيران على المصالح الأمريكية في المنطقة، خصوصًا في ضوء التطورات العالمية الحالية والتوتر الروسي الأوكراني. يمكن لهذه الهجمات أن تشتت الانتباه عن الاحتجاجات الداخلية التي تشهدها إيران منذ فترة.

في ظل هذا السياق، يُعتبر استهداف الأماكن الأمريكية في المنطقة هدفًا محتملاً للضربات الصاروخية الإيرانية كوسيلة للانتقام.

ضرب القواعد العسكرية الأمريكية في السعودية

قد تلجأ إيران إلى الى استخدام الحوثيين من أجل توجيه ضربات باستخدام طائرات مسيرة أو صواريخ على القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في المملكة. ومن أكثر المناطق التي يحتمل أن تكون هدفاً لمثل هكذا عمليات هي:

• مدينة (الملك) خالد العسكرية: وتقع هذه المدينة في المنطقة الشمالية الشرقية بالقرب من مدينة حفر الباطن التي تقع على ملتقى الطرق المؤدية إلى الرياض والكويت والدمام وعمان. حيث تبعد هذه المدينة العسكرية حوالي ( 120 ) كلم عن الكويت إلى جهة الجنوب، و 250 كلم من ميناء (رأس مشعاب) على الخليج، و( 400 ) كلم عن الرياض العاصمة. تتسع لحوالي ( 70 ) ألف نسمة من افراد الجيش وعائلاتهم. كلفتها ( 7.5 ) مليار دولار. 

• مدينة (الملك) عبد العزيز العسكرية: وتقع في شمال غرب البلاد، قرب مدينة تبوك، وعلى بعد حوالي ( 160 ) كلم من الحدود الأردنية مع فلسطين. 
• قاعدة (الملك) عبد العزيز الجوية بالظهران: وهي القاعدة الأم لجميع القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط، والرابط الأساس بين القواعد الأمريكية في اوربا وغرب آسيا، وقد انتقلت الطائرات الأمريكية منها مع طواقمها إلى قاعدة الخرج الجوية بعد الإنفجار الذي وقع في مدينة الخبر عام 1996 م. 
• قاعدة (الأمير) سلطان الجوية في الخرج: وهي مقر القوات الجوية الأمريكية والبريطانية والفرنسية الآن، وكانت في الأصل لإيواء الطائرات الأمريكية القادمة من عمان والولايات المتحدة، حتى تم تطويرها وتوسيعها لاستقرار القوات الجوية الأمريكية والبريطانية والفرنسية. 
• مطار جدة لطائرات التزود بالوقود الأمريكية، والقاذفات B52 حيث تأتي للمنطقة مباشرة من قواعدها الأمريكية في كل من (ديجوجارسيا) في ا لمحيط الهندي، ومن (مورون) في اسبانيا، ومن بريطانيا. 

قاعدة الظفرة في الإمارات

من الأهداف المحتملة لعدوان إيران على دول المنطقة انتقاما لمقتل قاسم سليماني هي قاعدة الظفرة الجوية في دولة الإمارات. والتي أطلق عليها صحفي الواشنطن بوست “راجيف تشاندراسيكاران” في مقاله الشهير عام 2014 “أسبارطة الصغيرة”. و توجد قاعدة الظفرة على بعد نحو 32 كيلومترا جنوب غرب أبو ظبي، وتعد قاعدة لكل من القوات الإماراتية والأميركية والفرنسية.

• تستضيف القاعدة الجناح المقاتل لسلاح الجو الإماراتي، الذي يضم سرب شاهين الأول والثاني والثالث المجهز بمركبة لوكهيد مارتن إف -16 إي / إف ديزرت فالكون.
• القاعدة هي أيضًا موطن لأسراب المقاتلات 71 و 76 التي تدير داسو ميراج 2000-9EAD / DAD.
• تشكل قاعدة الظفرة مكان واشنطن الرئيسي في الإمارات، إلا أن الجيش الأميركي تتواجد قواته كذلك في ميناء “جبل علي” الذي تستخدمه البحرية الأميركية.
• لم يعترف سلاح الجو الأميركي رسميًا بالوجود العسكري الأميركي في القاعدة إلا في أغسطس / آب 2017، على الرغم من وجود الجيش الأميركي منذ أوائل التسعينيات.
• كانت تضم أكثر من 34 ألف منتمٍ للقوات الجوية الأميركية بجانب قوات فرنسية، ومصممة على شكل مستطيل محدب هائل الحجم نصفه على شكل سهم مزدوج.

القواعد البحرية والجوية الأمريكية في البحرين

لطالما سعت إيران للتدخل في الشؤون الداخلية للبحرين، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل في كل مرة. بوضوح، تسعى إيران للانتقام من البحرين ومقتل قاسم سليماني قد يكون الذريعة المثلى لهذا الهجوم المرتقب. يبدو أن الهدف المفضل لهذا الانتقام في البحرين هو القاعدة البحرية الأمريكية أو قاعدة الشيخ عيسى الجوية.

تعتبر القاعدة البحرية الأمريكية مصدرًا للدعم اللوجستي والتوريد والحماية، إضافةً إلى توفير منشآت صحية واجتماعية وبرامج ترفيهية للقوات المسلحة الأمريكية وحلفائها في البحرين. وتقع قاعدة الشيخ عيسى الجوية جنوب جزيرة البحرين على سواحل الخليج العربي، تأسست في عام 1988، وتمثل نقطة استراتيجية بالنسبة للمنطقة، موقعاً هامًا للنشاط العسكري والاستراتيجي على الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية.

قاعدة العديد الجوية في قطر

وبالمثل قد تحاول إيران أن تتجنب تماس مباشر مع المملكة العربية السعودية وحلفائها. لكنها قد تلجأ إلى الهجوم على القواعد العسكرية الأمريكية في قطر إنتقاماً لمقتل ما تسميه قائد فيلق القدس قاسم سليماني. وستكون قاعدة العديد الجوية هي هدفها المؤكد.

هي قاعدة عسكرية قطرية تقع جنوب غرب العاصمة القطرية الدوحة والتي تعرف أيضا باسم مطار أبو نخلة. تضم القاعدة القوات الجوية الأميرية القطرية و القوات الجوية الأمريكية و سلاح الجو الملكي البريطاني . تستضيف القاعدة مقر القيادة المركزية الأمريكية ومقر القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية والسرب رقم 83 من القوات الجوية البريطانية وجناح المشاة الجوية رقم 379 التابع إلى القوات الجوية الأمريكية.

في عام 1999 قال أمير قطر وقتها آنذاك الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للمسؤولين الأمريكيين أنه يود أن يرى ما يصل إلى 10,000 ضابط وجندي أمريكي متمركزين بشكل دائم في القاعدة. وقد استضافت القاعدة عام 2017 أكثر من 11,000 ألف ضابط وجندي أمريكي وأكثر من مائة طائرة تشغيلية.

مواقع محتملة أخرى

بلا شك، لا توجد منطقة في الشرق الأوسط تبدو مُعفاة من عمليات الانتقام المحتملة من إيران نتيجة لمقتل قاسم سليماني. يبدو أن إيران تسعى إلى تحقيق أكثر من هدف من خلال الهجوم على قاعدة أمريكية وبلد عربي آخر في نفس الوقت، وهو ما يجعل العراق، الذي شهد هجماتٍ سابقة على قاعدة عين الأسد، مكاناً محتملاً لتكرار مثل هذه العمليات.

سوريا، حليفة إيران، شهدت هجمات على مراكز تجمع للجيش الأمريكي، لكن إيران لم تعترف بالمسؤولية عن تلك الهجمات. مع ذلك، هناك احتمالية لتطور الأمور نحو هجوم منظم على هذه المراكز في المستقبل.

دول الخليج الأخرى مثل الكويت وعُمان قد تكون هدفاً لهذه الهجمات، حيث ترى إيران أن مثل هجوم يمكن أن يكون أقل تكلفة وستستطيع بعدها السيطرة على هذه البلدان.