من أخطر القرارات التي اتخذها المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) خلال اجتماعه أول الإسبوع هو تسليح المستوطنين أو ما أطلقوا عليه توسيع منح تصاريح لمواطنين لحمل السلاح وتسريع إجراءات إصدار تصاريح كهذه.
وعود متطرفة
وقد قال المتطرف إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي صراحة في أعقاب عمليات إطلاق النار في القدس، في نهاية الأسبوع الماضي، إنه سيسهل تسليح المستوطنين عن طريق تقليل شروط الحصول على رخصة حمل سلاح. وتابع قائلاً: “أريد سلاحا أكثر في الشوارع”، لكي “يتمكن مواطنو إسرائيل من الدفاع عن أنفسهم”.
وتبين معلومات وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية أن 86 من بين 100 بلدة التي نسبة حاملي السلاح فيها مرتفعة هي مستوطنات تقع في الضفة الغربية، بحسب ما ذكرت صحيفة “هآرتس” اليوم، الإثنين.
حاملي السلاح المرخص
وتشير المعلومات أيضاً أن نسبة حاملي السلاح المرخص متدنية جدا في المدن والبلدات، وكذلك المستوطنات، الحريدية وفي المدن والبلدات العربية، التي تنتشر فيها ظاهرة السلاح غير المرخص. ويعود الإختلاف الكبير بين الأماكن التي توجد فيها نسبة مرتفعة من حملة السلاح وتلك التي توجد فيها نسبة منخفضة جدا، بسبب المعايير التي تمنح وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية بموجبها رخصة حمل سلاح للمستوطنين.
المستوطنات الأكثر حملاً للسلاح
وتعتبر مستوطنة “أدورة” في جنوب جبل الخليل و”كريات نتافيم” و”نغوهوت” في صدارة الأماكن التي توجد فيها أعلى نسبة من حملة السلاح، حيث تصل فيها النسبة إلى ثُلث سكانها. بينما تكون النسب المرتفعة لحملة في بلدات داخل إسرائيل وليس في الضفة الغربية هي بلدات حدودية بغالبيتها.
كذلك تبلغ نسبة حملة السلاح في مستوطنة “أريئيل” 9.2% وتعتبر نسبة مرتفعة مقارنة مع مستوطنة “معاليه أدوميم” حيث تبلغ النسبة فيها هي 6%، وتليها قرية المغار بنسبة مماثلة. ومن ناحية أخرى فإن نسبة حاملي السلاح في تل أبيب والقدس هي 1.5% تقريبا، وفي حيفا 1.8%. ويحمل حوالي 148 ألف مستوطن اسرائيلي رخصة حمل سلاح حاليا، وهذا العدد لا يشمل أفراد الأمن والجيش والشرطة والحرس.
تسهيلات عام 2018
في مطلع عام 2018 كان وزير الأمن الداخلي الأسبق، غلعاد إردان، قد سهل معايير منح رخصة حمل سلاح بهدف زيادة تسليح المستوطنين. وكان من أهم هذه المعايير هي الخدمة العسكرية في وحدات قتالية وكذلك “السكن في بلدات يستحق ساكنيها رخصة حمل سلاح”، وهي بحسب الداخلية الإسرائيلية المستوطنات والبلدات الحدودية. كذلك بإمكان المتطوعين في إحدى منظمات الإنقاذ الحصول على رخصة حمل سلاح.
حاملي السلاح في البلدات العربية
وفسّر مصدر في الشرطة الإسرائيلية النسبة المنخفضة لحاملي السلاح في البلدات العربية على اعتبار أنهم لا يستوفون شروط الحصول على الرخصة. وخاصة الشرط الذي كان قائما عندها وهو الخدمة في جيش الإحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى أنه غالبا ما تعارض الشرطة منح رخصة حمل سلاح بناء على معلومات استخباراتية من البلدات العربية.
تحذيرات من تسليح المستوطنين
قام ائتلاف “مسدس على طاولة المطبخ”، الذي يجمع منظمات اجتماعية تعارض تسليح المستوطنين، بالتحذير من خطة بن غفير في هذا السياق. حيث رأى الائتلاف أن “تسليحا واسعا للمستوطنين سيؤدي إلى الندم. فالواقع الحالي مسموم وقاتل على حد قوله. وزيادة التسليح لطالما أدت إلى قفزة في عدد جرائم القتل علاوة على الرعب الذي يُسكت النساء اليهوديات اللواتي يتعرضن للعنف المنزلي.
وتشير معلومات وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية للعام 2021، بأن 12 شخصا انتحروا بواسطة سلاح مرخص، إلى جانب 16 حالة إثر انفلات رصاصة. وفي ذلك العام، قُتلت 14 امرأة بإطلاق نار وبينهن ثلاث نساء يهوديات قُتلن بسلاح مرخص.
انعكاس القرار على حياة الفلسطينيين
سيتمكن مستوطنون اسرائيليون كثر من حمل السلاح. ورأينا كيف أن المستوطنون الإسرائيليين حتى بدون أن تكون لديهم أسلحة كانو يهاجمون العرب الفلسطينيين ويعتدون عليهم. ويعتدون على منازلهم ويخرجونهم منها.
ومع التسهيلات التي أعلنت عنها الحكومة الجديدة سوف يتمكن هؤولاء العنصريون من امتلاك السلاح بسهولة ويصبح السلاح في متناول كل المستوطنين. وبالتالي سوف تزداد الإعتداءات المسلحة من قبل المستوطنين على العرب وسنشهد تصاعداً كبيراً في تعداد القتلى والجرحة الفلسطينيين بسبب هذه الإعتداءات. وسيجد النساء والأطفال أنفسهم معرضين للخطر الدائم وهذا سيخلق تحدي جديد للشعب الفلسطيني الذي كان ينتظر مزيداً من الحقوق.
موقف العالم العربي
السعودية من الدول العربية التي لطالما أعربت عن موقفها الواضح تجاه القضية الفلسطينية. وأعلنت أنها لن توافق على تطبيع العلاقات مع إسرائيل حتى يتم منح الفلسطينيين حقوقهم في دولة مستقلة خاصة بهم. وبعد إنتشار هذا الخبر التصعيدي عن قيام الحكومة بتسهيل منح السلاح للمستوطنين الإسرائيليين فلا بد أن يكون للمملكة موقف واضح أيضا وتقف في وجه هذا القرار. وتدافع كما في السابق عن حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق.
بل يمكن للمملكة أيضاً أن تقود الدول العربية وتوجههم لإتخاذ موقف واضح يعبر عن عدم القبول بتسليح المستوطنين وبالإجراءات العنصرية والتصعيدات الخطرة التي تقوم بها حكومة إسرائيل الجديدة.