اليمين الاسرائيلي

هل يسرع اليمين الاسرائيلي في انهيار دولة الإحتلال – نزاعات داخلية ورفض دولي

يحاول رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو أن يقول للدول العربية والإسلامية لا تراهنو على تأثر ضعف اسرائيل بسبب المشاكل الداخلية. لكن الحقيقة أن اسرائيل اليوم مع وصول اليمين الإسرائيلي إلى السلطة بدأ اليمينيون يصبحون أكثر نفوذا وبدأ العالم يفهم ما هم المتشددون اليهود أكثر من أي وقت مضى.

Jewish settlement 1

النداءات التي دائماً ما قالها الفلسطينبون للعالم من أن هؤولاء اليهود عدوانيون استيطانيون متوسعون قامعون للحريات، لم تكن تلقى آذاناً صاغية. وبكن مع وصو اليمين الاسرائيلي لرأس السلطة بدأ هذا السلوك واضحاً للعالم كما لم يكن من قبل ما دفع حتى الأمم المتحدة والولايات المتحدة والدول الغربية إلى إدانة إسرائيل في نقلة سياسية لم نكن نراها من قبل.

الإعتداء على المسيحيين في القدس

تمت مشاركة مقطع فيديو على نطاق واسع يظهر قيام مجموعة شبان ينتمون لليمين الاسرائيلي قامو بالمرور بجوار راهبتين مسيحيتين. ليقترب أحدهما من الراهبتين ويقوم بالبصق عليهماا. وليكرر فعله بقية الشبان االذين يرتدون اللباس اليهودي التقليدي.

وفي مقطع فيديو آخر من القدس القديمة، ظهر رجل يهودي متشدد يقوم بشتم مجوعة من الرجال المسيحيين الذين يحملون صليبا. لم تكن هذه أفعالًا منعزلة. قبل شهر كذلك تمت محاولة تخريب نفس الكنيسة التي كانت الراهبات تقف خارجها من قبل يهودي متشدد، حيث تم ايقافه في آخر لحطة يحاول إضرام النيران في الكنيسة كما قد تم تخريب مقبرة مسيحية قريبة. كذلك تم القبض على شخصين يقومان بتدمير الصلبان على الكنيسة البروتستانتية بعد مراجعة كاميرات المراقبة الأمنية.

تكرار الإساءات

تم تسجيل ما لا يقل عن 80 فعلًا من الإساءة الجسدية واللفظية في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023. ولا يتم الإبلاغ عن الكثير الأفعال العدائية البسيطة كالبصق على الراهبات ورجال الدين. عدد كبير من الاعتداءات تجري في الحي الأرمني المجاور للحي اليهودي. بالنسبة للجزء الأكبر ، حتى عندما يتم الإبلاغ عن هذه الحوادث ، نادرًا ما يكون هناك أي مساءلة.

كان رجال الدين الكنسيون والعلمانيون المسيحيون الفلسطينيون يدقون ناقوس الخطر بشأن هذا الأمر منذ سنوات. ازداد العنف وخطاب الكراهية هذا العام بشكل كبير ، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى خطاب التفوق اليهودي الذي ملأ موجات الأثير منذ وصول اليمين الاسرائيلي إلى السلطة في كانون الأول (ديسمبر).

دور الحكومة اليمينية

في حين أن الكثير من النشاط المعادي للمسيحيين يُلقى باللوم على أفراد أو جماعات مارقة، فإن الحكومة الإسرائيلية نفسها عملت أيضًا ضد المسيحيين هذا العام. في السابق، سمحت إسرائيل لبعض أفراد الجالية المسيحية في غزة بالمشاركة في احتفالات عيد الميلاد وعيد الفصح في بيت لحم والقدس. هذا العام ، على الرغم من إصدار تصاريح سفر عيد الفصح لـ 739 فلسطينيًا مسيحيًا من غزة، إلا أن الحكومة ألغت التصاريح دون تفسير.

هناك مشكلة أكبر بكثير تتعلق بعدد المسيحيين المسموح لهم بحضور احتفالات النار المقدسة السنوية. على مدى قرون ، حضر ما يصل إلى 10000 مصلي سبت النور ، لكن الشرطة الإسرائيلية خفضت حضور سبت النور إلى 1800 مصلي بعد أن أصبحت التصاريح بيد اليمين الاسرائيلي الذي لا يرغب برؤية تجمعات المسيحيين.

سلوك معادي للإسلام والمسيحيين

حكومة إسرائيل، التي تدعي تمثيل يهود العالم وتتهم معارضيها بمعاداة السامية، فشلت في وقف خطاب وتصرفات بعض كبار وزرائها التي تشجع السلوك المعادي للإسلام والمسيحيين.

في ضوء الأحداث في فلسطين، جاء في بيان رئاسي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في شباط / فبراير ما يلي: “يلاحظ مجلس الأمن بقلق بالغ حالات التمييز والتعصب وخطاب الكراهية بدافع العنصرية أو الموجه ضد الأشخاص المنتمين إلى الطوائف الدينية، ولا سيما الحالات التي تحركها الإسلاموفوبيا أو معاداة السامية أو كره المسيحية “.

إدانة أمريكية

رغم تهنئة جو بايدن لبنيامين نتنياهو مكرّرًا تأييده لـ“حل الدولتين”، وتأكيد وزير خارجيته أنتوني بلينكن أنه “سيحكم على السياسات التي ستنتهجها (تلك الحكومة) وليس على الأشخاص”، إلا أن الائتلاف الحاكم المنتمي لتيار اليمين الاسرائيلي يثير قلق واشنطن. فلم تلقَ أولى الإشارات التي بعث بها نتنياهو استحسانًا.

سياسة إسرائيل

وترى الإدارة الأمريكية أن سياسة إسرائيل تضعها في مأزق متزايد، لا سيّما فيما يتعلق بمسألة داخلية، إذ يتصاعد انتقاد إسرائيل في أوساط الديمقراطيين الشباب يومًا بعد يوم. وأعلن أكثر من 300 حاخام أمريكي عن قطع كافة الاتصالات مع أعضاء الحكومة الإسرائيلية الجديدة، تأكيدًا على إعراض المجتمع اليهودي الأمريكي المتزايد. وهو موقفٌ يتبنّاه اليهود الشباب في المقام الأول، الذين يرون أن سلوك “الدولة اليهودية” يصبح مروّعًا يومًا تلو الآخر.

تهديد الديموقراطية

التهديد الآخر الذي يلوح في إسرائيل هو على الصعيد الداخلي، ويتعلق بالإصلاحات العميقة التي أقرّها نتنياهو. يتمثّل الأول في إضعاف صلاحيات المحكمة العليا. حيث يمكن للبرلمان إلغاء قراراتها، ويكون للنوّاب سلطة التحكم في طرق تعيين أعضائها. ثم اعتماد خطة القانون والعدالة لتعديل النظام القضائي وتعزيز الديمقراطية الإسرائيلية. وهو ما يعني، وفقًا لمعارضي نتنياهو، تراجع الديمقراطية بشكل جذري. تشمل هذه الخطة على:

  • زيادة الإعانات الحكومية للمدارس الدينية، وتقليص المواد الإجبارية بها (الرياضيات والعلوم والإنكليزية والتاريخ وما إلى ذلك) لصالح التربية الدينية.
  • تعيين عضو كنيست منتخب من اليمين المتطرف، آفي ماعوز، مسؤولًا عن المناهج الدراسية. يُعرف الرجل بكراهيته لـ “الشاذين جنسيًا” (مجتمع الميم) وللنضال النسوي.
  • منح الشركات والمستشفيات والأفراد الحق في رفض البيع والإيجار لأفراد من مجتمع الميم أو التجارة معهم (امتدادًا للرفض الذي يمارَس بالفعل ضد “العرب” بشأن تأجير أو بيع مسكن).
  • ومن المنتظر أيضًا تعديل “قانون العودة” ليصبح موافقا لتطلعات اليمين الاسرائيلي. حتى الآن، كان الحصول على الجنسية متاحًا لأي شخص له جد أو جدة يهوديان. بيد أن المقترح الجديد ينص على تطبيق القانون التلمودي (المعروف باسم “الهلاخة”)، والذي بموجبه تنتقل اليهودية من الأم وحدها. غالبية اليهود الأمريكيين يرون في هذا المقترح ازدراءً، خاصةً الشباب منهم.
اقرأ ايضاً
رئيس الإمارات ومدير «الطاقة الذرية» في روسيا اليوم

ردود الفعل الداخلية على خطابات نتنياهو

لم يعد الأمر يحتاج إلى ردّ من أطراف المحور على كل تصريح صادر عن بنيامين نتنياهو، بما في ذلك التقدير الذي خرج به في خطابه منذ أيام. تتكفّل بهذه المهمة جهاتٌ من داخل الكيان.

  • معلّق الشؤون العربية في “القناة الـ12” الإسرائيلية وصف الخطاب بأنه فارغ تماماً
  • هاجمه بيني غانتس، ودوّن في “تويتر” أنه “بالبكاء لا يبنون قيادة”
  • كذلك فعل رئيس الحكومة السابق، نفتالي بينيت، مغرداً أنه “خطاب غير قيادي، ومخجل”.

قلق اسرائيلي من التورط بحرب خارجية

توصّلت الحكومة الإسرائيلية إلى قرار منع اليهود من اقتحام حرم المسجد الأقصى حتى نهاية رمضان. عكست الصحافة الإسرائيلية، بدايةً، وجود تباين بشأن هذا القرار بين قادة الأجهزة الأمنية وبعض الوزراء المعنيين. لاحقاً، أعلنت أنه تم بإجماع الأجهزة الأمنية، وبتوصية من وزير الأمن، يوآف غالانت.

الحقيقة أن قرار المنع جاء نتيجة تقديرات وتبعات لا يمكن أن تتحمّلها حكومة نتنياهو في هذه المرحلة. مفاعيل إطلاق الصواريخ من غزة ومن جنوبي لبنان لَـمّا تنتهِ بعدُ، وإن حاولت مجموعة من الصحف والأجهزة الإسرائيلية تليينها عبر استحضار أسباب، وعزل أخرى، من أجل تبرير قرار منع دخول الأقصى لليهود.

غزة والضفة الغربية

في هذا الإطار، نقلت “القناة الـ12” العبرية، عن مصادر في الشرطة الإسرائيلية، أن المعلومات الاستخبارية أظهرت وجود خشية من أن تنزلق المواجهات في الحرم القدسي إلى المدن المختلطة. إلّا أن صحيفة “إسرائيل هيوم” كانت أكثر وضوحاً عبر الإشارة إلى توتّر في كل القطاعات من شوارع القدس والحرم القدسي، وصولاً إلى حدود لبنان وسوريا وغزة، عدا عن هجماتٍ محتملة في أنحاء فلسطين التاريخية.

تراجع أمام حلفاء اليمين الاسرائيلي

وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير أبرز قادة اليمين الاسرائيلي، أبدى انزعاجه من القرار، وعارضه. هذا الموقف يتضافر مع أجواء من الاستياء والغضب بدأت تعمّ أوساط الناخبين المؤيدين للائتلاف اليميني الحاكم. يتوقع هؤلاء من الحكومة ورئيسها أن يمارسا السلطة فعلياً، على نحو يعكس رغباتهم وأجنداتهم، عبر المضي قُدُماً في تنفيذ السياسات والمشاريع التي ينادون بها، والتي أدّت إلى ما أدّت إليه من إشكاليات وشروخ في الداخل، ومع الخارج. وهذا ما يفسّر انخفاض شعبية حزب الليكود ونتنياهو في استطلاعات الرأي الحديثة. لكن، ماذا في يد نتنياهو أن يفعل؟

لا هو قادر على السير إلى الأمام وترجمة أجندة اليمين المتطرف الذي يحكمه، وإلّا فإنه يخاطر في هذه الحالة في:

  • دفع الشرخ الداخلي إلى مستويات تُنذر بحرب أهلية
  • تفاقم الأزمة مع الإدارة الأميركية
  • تصعيد المواجهة مع الفلسطينيين
  • تسخين جبهتي غزة ولبنان في الحد الأدنى.

وكذلك هو قادر على المراوحة، وإلّا فإنه يخسر مزيداً من رصيده ومن رصيد حكومته، الأمر الذي قد يؤدي إلى انتقال الشرخ إلى داخل الائتلاف الحكومي.

عدم قدرة اسرائيل على تنفيس الإحتقان الداخلي بحرب خارجية

انهيار دولة الإحتلال

من الصعب على “إسرائيل” تنفيس أزمتها المتشعّبة في حرب خارجية من دون أن تعمل ألف حساب، الأمر الذي يدفع الأزمة إلى الارتداد عليها من جديد فيما يشبه الدائرة المقفلة.

قد تنجح “إسرائيل”، في الأيام والأسابيع المقبلة، في تحقيق خرق أو تنفيذ عمل أمني يمكن تسويقه داخلياً، كإنجاز، في محاولة لترميم الردع وتعديل موازين القوى، لكنه يبقى إنجازاً موضعياً لا يغيّر في المعادلات الكبرى وفي المسار العام. هذا إذا لم يقابل عملها أي رد يؤجج جنونها.

واقع “إسرائيل” اليوم يسمح بتشبيهها بذئب جريح يعاني نزيفاً حاداً، وهو محاط بمجموعة من الحراب التي تتقدّم نحوه ببطء، لكن بثبات وعزيمة. حراب لا يستطيع الفكاك منها، وكلما تقدم الوقت فقدَ مزيداً من الدماء.

شاهد أيضاً

مواجهة بايدن نتنياهو

مواجهة بايدن نتنياهو – فقدان ثقة بسبب تمسك الأخير بالسلطة

صرح مسؤول إسرائيلي بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قرر التصدي للرئيس الأميركي جو بايدن، مشيراً …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *