جزر سليمان

جزر سليمان – أزمة عالمية جديدة تلوح في الأفق

جزر سليمان، الدولة الصغيرة الموجودة في عرض المحيط الهادي بدأت تتحول إلى منطقة صراع نفوذ بين الصين والولايات المتحدة. وبالرغم من أنّ عدد سكانها لا يتجاوز ال 800 ألف نسمة إلا أن موقعها وقربها من استراليا يجعلها حساسة في منطقة المحيط الهادي الذي تملك أمريكا الحصة الأكبر من النفوذ في مياهه. ليتفاجأ العالم بعد ذلك بتوقيع اتفاقية أمنية سرية بين الصين والجزر ما أثار حفيظة استراليا والولايات المتحدة التي سارعت بإرسال غواصات نووية إلى استراليا اتي بدورها حاولت تشجيع دولة جزر سليمان على إلغاء الإتفاقية.

تأثر العالم

بدا واضحاً بعد الحرب الأوكرانية، ظهر للجميع أن أي حدث يتم في مكان يؤثر على العالم كله، حيث يبدو أن العالم لا يريد أن يعيش في سلام واستقرار، فالحرب الروسية الأوكرانية رغم أنها حرب محلية بين دولتين فقط، فإنها أصبحت حربًا عالمية من حيث التأثير الاقتصادى لكل دول العالم الفقيرة والغنية.

وبعد مشكلة الحرب الروسية الأوكرانية، ظهر للأمن العالمي صراع جديد في منطقة القطب الشمالى بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والدول الاسكندنافية من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى، خاصة بعد انضمام فنلندا إلى حلف الناتو لتصبح الدولة رقم 31.

مشكلة جزر سليمان

وأخيرًا جاءت المشكلة الجديدة في المحيط الهادى، حيث تولد صراع جديد بين أستراليا والولايات المتحدة من جهة والصين من جهة أخرى، والتى عُرفت باسم «مشكلة جزر سليمان»، فهى دولة، جزيرة، عاصمتها هونيارا، واقعة جنوب المحيط الهادى، بالقرب من دولة أستراليا، ويبلغ عدد سكانها 800 ألف نسمة، وتتكون هذه الدولة من عدة جزر بركانية كبيرة تقع إلى الجنوب الشرقى من بابوا غينيا الجديدة، بالإضافة إلى جزر أخرى.

المحيط الهادى

وتتميز الجزر بتضاريس جبلية وغابات كثيفة، وينحدر أكثر من 90 في المائة من سكان الجزر من أصل ميلانيزى، والباقى من عرقيات مختلفة، وكانت هذه الجزر في السابق محمية بريطانية، تعانى الاضطرابات المدنية بين الجماعات العرقية، التي شهدتها بين عامى 1998- 2003، وكادت توصلها إلى حافة الانهيار.

شرارة أزمة دولية جديدة

فجأة باتت «جزر سليمان» شرارة أزمة دولية جديدة وسببًا لبيانات وتصريحات من أستراليا إلى الولايات المتحدة والصين. وهذه الدولة في المحيط الهادى تقع ضمن دائرة جغرافية قريبة من أستراليا، إلا أن هذه الدولة قامت بخطوة أثارت ليس فقط الغضب في أستراليا والولايات المتحدة، إنما الخوف أيضًا، بعد التوقيع على اتفاقية أمنية مع الصين ببنود تكشف بوضوح أن أيام أستراليا فيها ربما ولّت.

تم في الشهر الماضى تسريب وثيقة لاتفاق بين هونيارا والصين ما أثار مخاوف في كانبيرا، عاصمة أستراليا، من أن يؤدى ذلك إلى تعزيز الوجود العسكرى للصين في المحيط الهادى من خلال تواجده في دولة جزر سليمان. أما الأكثر إثارة للقلق في الوثيقة بشكل خاص فهو تضمنها بنودًا تسمح للصين بالقيام بانتشار أمنى وبحرى فيها، مع الحفاظ على سرية هذه المهام الأمنية.

التماسات استراليا

بناء على ذلك، أعلنت وزيرة الخارجية الأسترالية، ماريز باين، أن إبرام دولة جزر سليمان اتفاقًا أمنيًّا مثيرًا للجدل مع الصين لن يعنى انتهاء التعاون الدفاعى بين بلادها وهذه الدولة الصغيرة الواقعة في جنوب المحيط الهادي.

في حين أكدت أن المعاهدة الأمنية الثنائية القائمة بين كانبيرا وهونيارا ستبقى سارية، حتى وإن تجاهلت الدولة التماسات كانبيرا وأصرت على توقيع الاتفاقية الأمنية مع الصين.

اقرأ ايضاً
الذكاء الاصطناعي - تطور في الرفاهية أم حرب باردة جديدة؟

فشل مساعي عرقلة الإتفاق

وكانت كانبيرا قد أرسلت في وقت سابق خطابًا من سيسيليا، وزير التنمية الدولية وشؤون المحيط الهادي، إلى هونيارا، لحضور اجتماع غير عادي مع «سوغافاري»، رئيس الوزراء، الذي كان منخرطًا في حملات انتخابية للانتخابات النصفية.

وطلب الوزير الأسترالى من «سوغافارى» إعادة النظر في توقيع هذا الاتفاق، لكن رئيس الوزراء بقى على رأيه، وبدلًا من ذلك قال «سوغافارى» بعد الاجتماع إنه سيرسل وزير خارجيته إلى دول أخرى في المنطقة لشرح الاتفاق الأمنى مع الصين انطلاقًا من أن دولة جزر سليمان قوية ومستقرة، وسيكون هذا الاتفاق مفيدًا لأمن المنطقة.

تدخل أمريكي

وعلى الاتجاه الآخر، أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن بكين ليست لديها خطط لبناء قاعدة عسكرية في جزر سليمان، ولا تزال تفاصيل الاتفاق حتى الآن غير واضحة، إلا أن المسودة المسربة على الإنترنت قيل إنها لنص الاتفاق، وأثارت المخاوف من تمدد الصين في تلك المنطقة الاستراتيجية، إذ تشير بعض بنودها إلى أنه سيتم السماح للبحرية الصينية برسو سفنها الحربية هناك، لذلك من المنتظر أن يتوجه وفد أمريكى رفيع المستوى إليها في الأيام القادمة لمناقشة الأمر مع الحكومة هناك.

وتقول الصين إن الغاية من اتفاق التعاون الأمنى هو دعم قدرة الدولة الصغيرة، التي كانت في الماضى محمية بريطانية، بهدف الحفاظ على الأمن والنظام داخل المجتمع هناك، خاصة أن هذه الجزيرة شهدت في الفترة الأخيرة اضطرابات عدة، كما يعانى قطاع كبير من سكانها الفقر.

دعم استرالي لحكومة سوغافارى

وفى نوفمبر الماضى، أرسلت الحكومة الأسترالية عناصر من قوات دفاعها للمساعدة في قمع أعمال الشغب الدامية التي اندلعت حينها في العاصمة هونيارا، بعد أن اقتحم محتجون البرلمان في محاولة للإطاحة بـ«سوغافارى»، رئيس الوزراء.

سوغافارى

ولم تؤكد جزر سليمان صحة التفاصيل الواردة في مسودة الاتفاقية التي سُربت على الإنترنت، لكنها أعلنت حينها أنها كانت بصدد «توسيع» ترتيباتها الأمنية مع مزيد من الدول و«تنويع شراكة البلاد الأمنية (مع دول أخرى)، بينها الصين».

موضع قدم للصين

يسعى التحرك الصينى في هذا الاتجاه في المحيط الهادى إلى تغيير استراتيجيات المنطقة، وخاصة بالنسبة للوجود الأمريكى هناك، والذى كان يعتمد على استراليا، والآن جاء هذا التصرف من هذه الدولة الصغيرة لكى يضع للصين موضع قدم في تلك المنطقة، مستغلة فقر هذه الدولة وحاجتها للأموال.. ومن هنا سوف نرى الولايات المتحدة الأمريكية في القريب العاجل سوف تتخذ من الإجراءات العسكرية لتقييد دور الصين فيها.

تصعيد بسبب تايوان

بشكل عام فقد بدأت الصين باتخاذ هذه الإجراءات بعد تصاعد التوتر من جانب الولايات المتحدة تجاه تايوان، والتى بدأت بزيارة «بيلوسى»، رئيسة الكونجرس الأمريكى السابقة، لتايوان، ثم زيارة رئيس تايوان إلى الولايات المتحدة، ومقابلة «مكارثى»، رئيس الكونجرس الأمريكى، الذي دفع الصين إلى القيام بمناورة عسكرية في محيط تايوان، وقامت خلالها بمحاكاة طريقة حصار الجزيرة في مناورة أُطلق عليها السيف المشترك. ولقد أعلنت روسيا تأييدها لبكين، معتبرة أن بكين تتعرض لاستفزازات من قِبَل الولايات المتحدة.

من ناحية أخرى، قال تشن تشان جين، رئيس وزراء تايوان، إن بلاده لم ترد على هذه المناورات الصينية، ورغم أن البعض يرى أن هذه الاستفزازات والمناورات قد تؤدى إلى اشتعال الحرب في هذه المنطقة من العالم، لكننى أؤكد أن الصين لديها من العقلانية ألّا تدخل في نزاع عسكرى يوقف تقدمها الاقتصادى أو في حرب تستنزف فيها نحوها الاقتصادى، لذلك تعمل كل الأطراف حاليًا على تحقيق أمنها القومى، خاصة أستراليا واليابان ومعها الولايات المتحدة الأمريكية في هذه المنطقة.

شاهد أيضاً

نتساح يهودا

نتساح يهودا – أول اعتراف أمريكي بالإرهاب الاسرائيلي

بعدما تسربت معلومات من مصادر أمريكية تفيد بأن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد يُعلن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *