الحرب في السودان

لقاء الجنرالين – مبادرة سعودية لوقف الحرب في السودان

الحرب في السودان التي اشتعلت في الأيام الأخيرة على الرغم من أنها لم تكن مفاجئة للكثيرين وذلك بسبب تمركز القوة العسكرية في البلاد في بيد جنرالين اثنين. إلا أن الكثير من المتابعين اعتبروا أن القضاء على الرئيس السابق عمر البشير واستقلال جنوب السودان كان كفيلا باحلال السلام والقضاء على الكثير من مسببات عدم الإستقرار في هذا البلد العربي الإفريقي. وبالطبع حاولت المملكة العربية السعودية التدخل لوقف هذا الإقتتال الداخلي منذ بداية انطلاق هذه الشعلة. واليوم ينتظر السودانيون ما الذي ستؤول له الأمور بعد محادثات جدة المرتقبة.

سقوط البشير

بعد مرور أربع سنوات على إسقاطِ عمر البشير ونظامِه، الحدث الكبير في تاريخ البلاد، لا تزال الخرطومُ تعاني… خلافات بين القوى السياسية والقيادة العسكرية، والتململ في الشارع، والآن حرب بين الجيش وقوات الدعم السريع.

كل شيء كان يوحي بنهايةِ تلك الحقبة المظلمة بعد خلع البشير ونظامه. صُودرت مقار حزبه وممتلكاته، وتم حل الميليشيات الإخوانية التابعة له مثل «الشعبية» و«الطلابية». يفترض أن كل ذلك مهد الطريق لتغيير الحاضر وتأمين مستقبل البلاد وانتهاء أي شرارة جديدة يمكن أن تؤجج الحرب في السودان.

عمر البشير

وضع قابل للإصلاح

بكل أسف فإن الأمور لم تفضي إلى الاستقرار المنتظر في السودان، وبقي أملٌ في اجتماع جدة، بين الجانبين… الأمل في إصلاح العلاقة. على القائدين أن يتعلما الدرسَ من أزمات الصومال وليبيا وتشاد. خرجت عن السيطرة، وخسر قادة النزاعات كل مكاسبهم تقريباً، ودامت الحروب سنين وعقوداً.

ولكن برغم كل ذلك لا تزال الفرصة كبيرة اليوم لرأب الصدع والسيطرة على الأوضاع العسكرية الحرجة. ففي ساحة الحرب في السودان قيادتان عسكريتان، القوى المسلحة، معها المؤسسات الأمنية والشرطة، تواجه قوات الدعم السريع. وسياسياً هناك قوى مدنية لا يمكننا أن نحصرها، حيث عرف السودان بأنه من أكثر دول المنطقة في عدد الأحزاب والقوى المجتمعية، قديمة وطارئة.

أطراف الحرب في السودان

يرغب السودانون في انهاء الحكم العسكري والعودة إلى الحالة الحزبية. والاحتكام للانتخابات، والانتقال من الحكم العسكري. معظمها لم تكن مستعدة لانتخابات مبكرة، خشية أن تخسر بحكم كثرتها، في حين أن الحزبين الكبيرين التاريخيين، «الأمة» و«الاتحادي»، يستمدان قوتهما من اتباع الطائفتين الأنصار والختمية.

اقرأ ايضاً
بلينكن يؤكد «العمل الوثيق» مع السعودية لتمديد الهدنة في اليمن
انفجارات في الخرطوم

هل يمكن للإخوان الذين كانوا يحكمون البلاد لحقبة من الزمن أن يعودوا للظهور من جديد؟ ليس مستبعداً أن يعودوا للمشاركة في الحرب في السودان، مستفيدين من اقتتال حلفاء «الانقلاب» على نظامهم. عادة، تسمي الانقلابات نفسها بالثورات، والانقلاب على البشير جاء على خلفية اضطرابات طويلة في الشارع السوداني، وبتأييد الأكثرية الغاضبة من نظام البشير الذي شهد فشلاً على كل المستويات، وأدى إلى فقر البلاد بما لم يسبق له مثيل في تاريخه الحديث.

طريق وعرة

رئيس السودان المخلوع عاش أطول مما كان يتوقع له منذ انقلاب 1989. في العقدين الماضيين، اختلف مع معظم حلفائه من قادة الإخوان، وخسر حلفاءه الإقليميين. البشير انتهى، سواء بقي في السجن أم هرب إلى مكان آخر، أما السودان فأمامه درب وعر.

أطراف الصراع

يدور الصراع اليوم بين فريقين متنافسين، ولا يمكن تقدير عمر الأزمة والمواجهات العسكرية، أسابيع، أم أشهراً، أم سنوات؟ مستوى الاقتتال في السودان لا يصل إلى وصفه بالحرب الأهلية مع أنه في العاصمة، وفي محيط القصر الرئاسي وفوق سطوحه، والطرق الرئيسية، والمدن الحيوية.

لقاء الجنرالين في السعودية

النقطة الإيجاية اليوم في قضية الحرب في السودان والتي يمكن أن تقصر في عمر الأزمة، هي أن صانعا الأزمة، الجنرالان، عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو. لو نجحت الوساطات، مع الضغوط الداخلية والخارجية، وتوصل الطرفان إلى تفاهم على صيغة علاقتهما بالحكم، أو تسليمه، سيتوقف القتال. لهذا لقاء الجانبين في المملكة العربية السعودية في غاية الأهمية، لأنه قد يؤسس لفرصة إنهاء الحرب في بدايتها.

تنصب الجهود اليوم على مصالحة القيادتين تحديداً، ولا يوجد حل مثالي. وستتعقد الأوضاع إن لم يقبل الفريقان بنقل السلطة للمدنيين، فالانتصار الكامل وبحسم المعركة عسكرياً في وقت قصير لا يبدوان ممكنين. المصالحة وإقناع الطرفين بالعودة للوضع السابق لما قبل الاقتتال، سيكونان مع خارطة طريق للعودة للحياة المدنية سياسياً بمثابة مهمة صعبة، لكن لا يوجد أمام الاثنين أفضل منها.

من واجب جميع أطراف الحرب في السودان اليوم دعم أي مصالحة تؤمّن حقن الدماء، وتجنب السودان شرور هذا الصراع الذي ينذر بأخطار مروعة، حيث يتسع القتال وتنهار مؤسسات الدولة، وتصبح البلاد في عهدة مقاولي الحروب الأهلية.

شاهد أيضاً

الهجوم الجوي الايراني على اسرائيل

الهجوم الجوي الايراني على اسرائيل – رسائل ايرانية ومواقف دولية

ليلة أمس، بدأ الهجوم الجوي الايراني على اسرائيل باستخدام عشرات الطائرات المسيرة وصواريخ كروز، وذلك …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *