لولا داسيلفا – الرجل الذي سيصعد بالبرازيل (أرض المستقبل) إلى القمة

لقد علمتني امي كيف امشي مرفوع الرأس. وكيف احترم نفسي حتى يحترمني الاخرون. هذه العبارة قالها الرئيس البرازيلي الذي اعيد انتخابه لويس اناسيو لولا داسيلفا مباشرة بعد وصوله الثاني للحكم الفين واثنين وعشرين. ذاته الرئيس الذي اخذ بيد بلاده من التبعية الى القمة. ووضعها في الكبار وباتت فعلا من الكبار. وفي هذه المقالة سنوضح قصة هذا الرجل وقصة بلاده وقصة الصعود الى قمة العالم.

أصل تسمية البرازيل

ارض المستقبل هي التسمية التي يحلو لبعض البرازيليين اطلاقها على بلادهم بالاضافة لتسميات اخرى ومعان كثيرة اختلفت بالاصل. لكنها اتفقت على الرؤية والمستقبل. ومن ضمن ما عليه ايضا كان التسمية. حيث ارادوا ان تحمل الارض الجديدة اسم البرازيل. لكنهم ظلوا مختلفين على معناها. فمنهم من قال ان اسمها يعود الى اصل برتغالي اسباني لكلمة برازيل. وهو نوع من الاشجار ذات الجذوع الحمراء والبنية والتي وجدها المستكشفون على شواطئ العالم الجديد. وكانت مشابهة لاشجار منطقة المدارية في جزر غرب افريقيا. والتي كانت تستخدم لاستخراج الاصباغ الحمراء والبرتقالية.

وعن اصل اخر للتسمية فقد قال البعض انه يعود الى كلمة بريس وتعني المبارك في لغة الشعوب السلتية. فكانت الارض المباركة واحدة من التسميات التي حملتها البرازيل بلدا ومعنى. اما اخرون فيرون أن التسمية أتت من جزر اسطورية في المحيط الاطلسي كانت تقع في مكان ما غرب الساحل الايرلندي. وعرفت باسم هاي برازيل والتي تعني ارض العظمة والقوة والجمال. فهل سيحول لولا داسيلفا هذه البقعة الجميلة إلى قوة مؤثرة في العالم؟!

اكتشاف البرازيل

هذه الصفات التي يسعى لولا داسيلفا استعادتها، اي العظمة والقوة والجمال. هي ما وجدها المستكشفون الاوائل الذين وطأت اقدامهم ارض البرازيل الاولى. وتحديد العام الف وخمسمائة للميلاد. وهو العام الذي شهد حضور المستكشفين الاوائل للبرازيل. والقادمين من البرتغال. والذين حملوا في مخيالهم الاول انهم في طريقهم الى الهند. وانهم يسيرون بمحاذاة القارة الافريقية باتجاه رأس الرجاء الصالح. الذي كان طريقا وبوابة نحو الهند وشرق في ذلك الوقت. لكن شاءت الصدفة والاقدار ان تهب رياح باتجاه الغرب. تنقل السفن الى وسط المحيط الاطلسي من الجنوب. وليلمح البحارة طيورا واعشابا بحرية انبأت عن يابسة ربما تكون في الغرب البعيد.

وصل بيدرو الفاريز كابرال كأول اوروبي تطأ قدماه العالم الجديد في الجنوب الغربي يوم الثاني والعشرين من ابريل نيسان من العام الف وخمسمائة للميلاد. وهو اليوم الذي بذرت فيه فكرة البرازيل. وبدأت معه قصتها التي ما زالت مستمرة حتى الان. والتي ستلفت الانظار اكثر في المستقبل. وهنا يحضر كلام لعالم الانثروبولوجيا البرازيلي روبيرتو داماتا. حين وصف بلاده بالقول بان البرازيل تمسك بكل ما اوتيت من قوة بتلابيب ماضيها. لكنها تفعل ذلك وهي مندفعة بشغف نحو المستقبل من رحم البرتغال.

البرازيل والبرتغال

لا يمكن باي حال من الاحوال الفصل بين البرازيل والبرتغال. فالاولى اي البرازيل هي اكبر البلاد الناطقة بالبرتغالية بل انها اكبر من البرتغال نفسها. وهي الوحيدة التي تغرد خارج سرب اللغة الاسبانية التي يتحدث بها ابناء القارة المسماة اللاتينية والمتمثلة بقارتين ونصف يتحدثان الاسبانية وهما القارة الامريكية الجنوبية والوسطى بالاضافة للمكسيك. لذا من الاحقية التاريخية بمكان القول ان البرازيل هي ابنة البرتغال والبرتغاليون هم من اسسوها.

من بعد العام الف وخمسمائة للميلاد. باتت البلاد الجديدة المكتشفة وجهة للتجار البرتغاليين الذين بداية بجلب الاخشاب منها وبيعها في اوروبا. ثم بدأ البحث عن كنوز اخرى في البلاد الجديدة الكبيرة. ليبدأ بعد ذلك عصر الاستعمار. في المنطقة التي حملت اسم البرازيل. هناك جرت الصدامات الاولى بين البعثات البرتغالية والسكان الاصليين. الذين كانوا عبارة عن قبائل كثيرة ومتناحرة وصل عددها لاكثر من الفي قبيلة. ما سهل البرتغاليين المدججين بالاسلحة عليهم.

اسبانيا والبرازيل

بالطبع لا يتحمل لولا داسيلفا مسؤولية أي من الأحداث التاريخية التي جرت في تلك الحقبة، ولكن من العدل بمكان انصاف السكان الاصليين ايضا. فما جرى بحقهم كان مشابها لما جرى لبقية سكان الامريكتين. اي جرائم ابادة وقتل وتطهير واستعباد، علما بانهم اصحاب هذه الارض. والذين تعود جذورهم الى اكثر من اثني عشر الف سنة. وذلك باحفورة لهيكل عظمي تعود لامرأة اكتشفت في احد كهوف البرازيل. وقدر الباحثون عمرها بما لا يقل عن احد عشر الف عام.

وبالعودة للبرتغاليين هؤلاء بدأوا بتدشين المستعمرات تحت راية المملكة البرتغالية. لكن سيطرأ حدث مفاجئ العام الف وخمسمائة وثمانية وسبعين. سينقل ملكية البرازيل الى اسبانيا. حيث في ذلك العام اختفى ملك البرتغال انذاك دوم سبستياو في حرب الكاسير كويبير التي كانت نزاعا بين البرتغال وسكان المغرب. اذ دخل الملك البرتغالي حربا مع المغاربة دون دعم اوروبي. فهزم جيشه واختفى الملك ولم يظهر ثانية. ولم يكن له وريث يرث حكم البرتغال من بعده. فانتقل الحكم الى عمه الملك فيليب ملك اسبانيا الذي حكم البرتغال.

اضافة الى مستعمرتها في البلاد الشديدة المكتشفة. لكن ذلك لم يدم طويلا. حيث بعد ستين عاما من هذا التاريخ فارادوا قبر جانكا المسمى جون. واستعاد استقلال البرتغال ومستعمرتها البرازيلية وبات يطلق عليه الملك جون الرابع. لكن احلام الاسبان بالهيمنة على برتغاليين لم تنته. حيث عاودوا هم والفرنسيون مطلع القرن التاسع عشر. ما اضطر ملكة البرتغال ماريا الاولى لتهريب ابنها الامير ريجيني تجواو الى البرازيل. هناك مكث سنوات اسس خلالها دولة شبه مستقلة تضم مؤسسات مستقلة وسوقا للاوراق المالية وبنكا وطنيا. حتى انه اسس جيشا غزا به مستعمرات فرنسية قريبة من البرازيل.