أمريكا واسرائيل

أمريكا واسرائيل – هل ما زالت اسرائيل في أولويات السياسة الأمريكية؟

أمريكا واسرائيل، لطالما كانتا مقترنتين مع بعضهما عند الحديث عن الأحداث السياسية في الشرق الأوسط. لكن بتنا نشهد في الآونة الأخيرة تغيرات في السياسة الأمريكية تدفع المراقب للتساؤل فيما اذا كان هذا التحالف الوثيق قد اهتز. قد يكون أكثر المواضيع اثارة للإهتمام هي عدم دعوة الرئيس الأمريكي جو بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد بنيامين نتنياهو لزيارة البيت الأبيض. حيث كانت هذه هي القاعدة عند تولي رئيس حكومة جديد لمهامه في اسرائيل. على الرغم من العلاقة القوية التي تربط الرجلين قبل أن يصل نتنياهو إلى رأس السلطة في اسرائيل. فهل توجهات الحكومة اليمينية هي السبب؟ أم أن خطة نتنياهو للإصلاحات القضائية وقمعه للمتظاهرين هي من أثرت على العلاقة مع الولايات المتحدة؟

زيارات أمريكية

حكيم جيفريز

شهدت اسرائيل زيارات لثلاث قادة سياسيين أميركيين بارزين في أبريل الماضي تطورات كثيرة في العلاقات بين أمريكا واسرائيل. فقد زار إسرائيل «حكيم جيفريز» زعيم الأقلية «الديمقراطية» في مجلس النواب، مع وفد مؤلف من 11 عضوا «ديمقراطياً» من الكونجرس. وتزعم الحاكم «الجمهوري» لفلوريدا «رون ديسانتس» وفداً في جولة شملت أربع دول للترويج للأعمال التجارية في فلوريدا.

كذلك زارها رئيس مجلس النواب «الجمهوري» كيفن مكارثي ليثبت وجوده. ولم ينخدع أحد بالغرض المعلن لزيارة «ديسانتس». فقد جاء في اختبار لتحديه دونالد ترامب على الفوز بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة في عام 2024، ونُظر إلى زيارته من هذه الزاوية. وبعد وقت قصير من وصوله، وقع «ديسانتس» على مشروع قانون لمكافحة جرائم الكراهية أقره المجلس التشريعي في فلوريدا.

قانون مكافحة جرائم الكراهية

قد يكون مشروع القانون يفرض عقوبات بالفعل على التحرش بالأفراد بسبب دينهم أو عرقهم، لكن «ديسانتس» أوضح في تعليقاته العلنية أن معاداة السامية، في رأيه، تشمل انتقاد إسرائيل ودعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمار وفرض العقوبات على إسرائيل.

كما أوضح «ديسانتس» أن سياسات الرئيس السابق ترامب تجاه إسرائيل المتمثلة في نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس وإنهاء الاتفاق النووي الإيراني والترويج للاتفاقيات الإبراهيمية. وانتقد ديسانتس الرئيس بايدن «لتدخله في الشؤون الداخلية لإسرائيل» من خلال تحذير الحكومة الإسرائيلية الحالية لإعادة التفكير في «التعديل القضائي» الجذري. والتقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع ديسانتس لكنه حافظ على الهدوء ولم يصدر تعليقاً رسمياً – لتجنب إثارة رد فعل من ترامب قد يؤجج العلاقة بين أمريكا واسرائيل.

رون ديسانتس

دعم ثابت ومساعدات عسكرية

من ناحية أخرى فقد شهدت الفترة التي قضاها رئيس مجلس النواب مكارثي في ​​إسرائيل مظاهر رسمية للزيارة، بما في ذلك خطاب في الكنيست واجتماع مع رئيس الوزراء. وأيد مكارثي أيضا قائمة أولويات ترامب في الشرق الأوسط واتبع النص البالي المتمثل في «الدعم الثابت»، والمساعدات العسكرية، والهجمات على إيران، ودعم توسيع الاتفاقات الإبراهيمية. وعلى عكس ديسانتس، تجاهلت الصحافة مكارثي إلى حد كبير، ولم تظهر أخبار إلا لدعوته نتنياهو لزيارة واشنطن، وهو انتقاد واضح لتقاعس الرئيس بايدن عن ذلك.

اقرأ ايضاً
ارتفاع حصيلة ضحايا حادث القطار في جنوب ألمانيا إلى خمسة قتلى

وستكون هذه المرة الثالثة التي يدعو فيها رئيس مجلس نواب «جمهوري» نتنياهو لمخاطبة الكونجرس من أجل مهاجمة رئيس «ديمقراطي» أميركي. وكانت الزيارة الأقل شهرة هي زيارة زعيم الأقلية «جيفريز» ووفده. وحدثت الاجتماعات نفسها، وتم تناول نقاط الحوار نفسها، واختلفت فقط في «إثارة المخاوف بشأن الإصلاحات القضائية المقترحة التي احتج عليها مئات الآلاف في الشوارع»، وهذا لا يصنع أخباراً تتصدر عناوين صحف أمريكا واسرائيل بالطبع.

القضية المحورية في السياسة الأميركية

يبدو أن إسرائيل ما تزال قضية محورية في السياسة الأميركية، لكن دورها تغير بشكل أساسي. وتظهر استطلاعات رأي أن «الديمقراطيين» يفضلون الآن الفلسطينيين بنسبة 49 بالمئة على الإسرائيليين بنسبة 38 بالمئة. واليهود الأميركيون وغالبيتهم العظمى من «الديمقراطيين» يتزايد نفورهم من سياسات حكومة نتنياهو. ولذا، لم تستهدف زيارات «ديسانتس» و«مكارثي» ناخبين يهوداً، بل استهدفت الإنجيليين المسيحيين اليمينيين الموالين لإسرائيل وهم يمثلون 40 بالمئة من أصوات «الجمهوريين».

ولا ننسى أنه قبل عامين، نصح السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة رون ديرمر إسرائيل بعدم الاعتماد على دعم اليهود الأمريكيين، لأن عددهم ضئيل للغاية ومنقسمون بشدة بشأن إسرائيل. وبدلا من ذلك، قال إن أقوى مؤيدي إسرائيل هم المسيحيون اليمينيون الذين هم أكبر عددا وأشد إخلاصا لإسرائيل. وقاعدة الحزب الجمهوري المتينة ذات الدوافع الدينية هي أيضا من مؤيدي ترامب، مما دفع ديسانتس ومكارثي إلى تأييد قائمة أولويات الرئيس السابق على مضض.

أمريكا واسرائيل – التزام بالدعم

الغرض الأساسي من زيارة جيفريز كان محاولة التأكيد على متانة العلاقة بين أمريكا واسرائيل. فقد تعهد بالتزامه بدعم الحزبين لإسرائيل؛ أي عدم خروج أعضاء الكونجرس «الديمقراطيين» عن اتفاق الآراء. لكن مع تحرك القاعدة التقدمية للحزب في اتجاه مختلف، فإن حرصه على تجميع الصفوف بين الحزبين يتزايد اضطرابا، مع وجود وجهات نظر تنتقد السياسات الإسرائيلية.

وحتى لو كانت الغالبية العظمى من اليهود الأميركيين ستصوت لـ«الديمقراطيين»، ولا ترتبط بإسرائيل، فما هو هدف جيفريز؟ يقتبس مقال في الآونة الأخيرة من مجلة «التيارات اليهودية» مقولة أحد نشطاء الحزب «الديمقراطي» اليهود في نيويورك جاء فيها «أنت بحاجة إلى كثير من المال للبقاء في السلطة» و«جيفريز خرج ليعيد ترسيخ أوراق اعتماده مع اليهود، وخاصة المانحين».

تغير في السياسة الأميركية

الولايات المتحدة واسرائيل

يذكر أن لجان العمل السياسي المؤيدة لإسرائيل ومجموعات «الأموال المظلمة» أنفقت عشرات الملايين في الدورات الانتخابية السابقة، ولا يريد جيفريز المخاطرة بفقدان دعمهم. وتعكس الزيارات الثلاث في الآونة الأخيرة لإسرائيل حراك التغير في السياسة الأميركية والجدل السياسي.

وبالتالي هناك انقسام حزبي عميق حول قضية العلاقة بين أمريكا واسرائيل. و«الجمهوريون» على قلب رجل واحد مع سيطرة ترامب وناخبيه المحافظين دينيا المؤيدين لإسرائيل. والزعماء «الديمقراطيون» منقسمون بين مغازلة كبار المانحين المؤيدين لإسرائيل وبين كسب ود ناخبيهم الأكثر تقدمية. وعلى الرغم من تعهد «جيفريز» بدعم الحزبين لإسرائيل، ما زالت التوترات بين الحزبين، «الديمقراطي» و«الجمهوري»، وفي داخل الحزب «الديمقراطي» تمثل واقعاً يتفاقم.

شاهد أيضاً

نتساح يهودا

نتساح يهودا – أول اعتراف أمريكي بالإرهاب الاسرائيلي

بعدما تسربت معلومات من مصادر أمريكية تفيد بأن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد يُعلن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *