انسحاب اسرائيل من جنوب غزة

انسحاب اسرائيل من جنوب غزة – ضغط أمريكي أم استعداد لاجتياح رفح

اجتياح إسرائيل لجنوب قطاع غزة انتهى، كيف حدث انسحاب اسرائيل من جنوب غزة وأي هدف لإسرائيل لم يتحقق إلا إن كان هدف إسرائيل تدمير المباني وقتل المدنيين، أما غير ذلك فلم يتحقق شيء من أهداف جيش الدولة العبرية.

فلا الرهائن أعيدوا بالعمل العسكري والحرب الدائرة منذ أكثر من نصف عام، ولا حماس تم اجتثاثها، ولا الإسرائيليون في أمان. إذا لابد من الإجابة عن السؤال الأهم:

لماذا هذا الانسحاب الآن ولأي سبب ستتحمل حكومة الحرب الإسرائيلية الضغوط الداخلية التي ستتجاوز السخرية والاستهزاء إلى ما قد يشبه ثورة جراء فشل عسكري كبير، وربما يعقبه الأكبر. وما علاقة اجتياح رفح بكل هذا؟

الواقع الميداني

قبل أن نجيب عن سيل الأسئلة، هذا لابد أن نستعرض الواقع الميداني وما تم اعلانه حول انسحاب اسرائيل من جنوب غزة بكامل القوات البرية، ما عدا كتيبة واحدة.

انسحاب الفرقة 98

ففي التفاصيل التي نقلتها إذاعة الجيش الإسرائيلي، فإن تل أبيب سحبت جميع الوحدات التابعة للفرقة 98 بألويتها الثلاثة من منطقة خان يونس بعد قتال دام أربعة أشهر، ولم يتبقَ في غزة سوى لواء نحال العامل في ممر نات سريم الذي أقامته قوات إسرائيل لقطع الشمال عن الجنوب بهدف منع سكان غزة من العودة إلى شمال القطاع.

وبالتالي، فإن هدف بقاء لواء نحال داخل خان يونس واضح، وهو ما أكدته صحيفة معاريف بأن وجوده داخل غزة لمنع عودة الفلسطينيين إلى شمال القطاع، إضافةً لتثبيت وجود عسكري لإسرائيل هناك لمواجهة أي مستجدات. أما أسباب انسحاب الفرقة 98 من خان يونس بحسب وسائل الإعلام العبرية، فهو ببساطة لتحضير قوات الفرقة مع غيرها استعدادًا لعملية غزو رفح.

المشاركة في اجتياح رفح

والأمر لا يتعلق فقط بمشاركة هذه الوحدات في الاجتياح المتوقع، بل يتعداه وفقًا لما نقلته صحيفة يديعوت أحرنوت عن مصادر في الجيش الإسرائيلي إلى ترك أماكن للنازحين الذين سيتم دفعهم للنزوح من رفح، مما يعني أن انسحاب اسرائيل من جنوب غزة عمومًا وخان يونس خصوصًا ليس جراء ضغوط أمريكية كما تريد أن تقنع العالم واشنطن، بل استعدادًا للعملية التي تقول واشنطن أصلاً إنها تمانع حدوثها سواء في دير البلح أو رفح، مع الاحتفاظ بإمكانية عودة الجيش إلى خان يونس والجنوب إذا لزم الأمر، خاصةً وأن الفشل الإسرائيلي في خان يونس لا يرتبط فقط بعدم تحقيق أي هدف من الاجتياح، بل يتجاوز هذا إلى سوء تقدير كبير للجيش الذي كان يؤكد أن معركة خان يونس ستنتهي خلال شهرين فقط، لكنها انتهت بعد أربعة أشهر بخسائر كبيرة للإسرائيليين ودون تحقيق أي أهداف.

انسحاب اسرائيل من جنوب غزة

وبالتالي، فإن انسحاب اسرائيل من جنوب غزة يعني أن قوات الجيش الإسرائيلي المكونة من أربعة ألوية مختلفة تتمركز الآن في الممر الإنساني وفي شمال قطاع غزة في منطقة بيت حانون. وفي الوقت الذي تقول فيه مصادر عبرية أن القوات الإسرائيلية ستركز على أسلوب المداهمات في قطاع غزة بناء على المعلومات الاستخبارية، فلن يكون هناك أي عمليات توغل أو مواجهات، لأن الجيش الإسرائيلي يهيئ جنوده لعملية برية في رفح جنوب القطاع.

اقرأ ايضاً
الحرس الوطني الروسي - ضربة بوتين الإستباقية التي نجته من التمرد

أما الانسحاب من وجهة نظر الفصائل الفلسطينية، فليس إلا اعتراف ضمني بالفشل في تحقيق كل أهداف الحرب، خاصة بخان يونس، حيث دخل جيش إسرائيل معظم مناطق قطاع غزة ودمرها بشكل كامل، وفي كل مرة كان يتغنى بأنه قضى على الفصائل يعود مجدداً لمناطق يفترض أنه لن يجد فيها مقاومة، ليتفاجأ بمقاومة عنيفة ونوعية تتزايد في كل مرة. فكان من الطبيعي، وفقاً لما تقوله فصائل غزة، أن يضطر جيش إسرائيل لانهاء عملياته حتى قبل إنجاز أهدافها، وهذا حدث في مناطق الجوازات والشفاء والصناعة، والآن في خان يونس.

اجتياح رفح

وبين ما يقوله هذا وما يؤكده ذاك، تبقى هناك مؤشرات على الأرض ربما تنبئ باقتراب إسرائيل من اجتياح رفح حتى قبل انسحاب اسرائيل من جنوب غزة ومن خان يونس تحديداً، وربما يبدأ هذا الغزو في اللحظة التي قد يعلن فيها انهيار مفاوضات إطلاق سراح الرهائن في غزة. ومن بين المؤشرات على الاستعداد للاجتياح، وفقا للتقارير العبرية، اتخاذ الجيش الإسرائيلي خطوات فعلية منها عزل مدينة غزة والاستعداد لتهجير المدنيين ووضع خطة للتعامل مع الأنفاق ومهاجمة غرف القيادة والمنازل التي يتحصن بها قادة الفصائل، إضافة إلى تصفية القيادات بعمليات تستهدفهم شخصيا بهدف ضعف رد فعل المقاومة الفلسطينية داخل رفح.

كما أن من بين أهم المؤشرات، أمر بنيامين نتنياهو بشراء 40 ألف خيمة من الصين لاستخدامها في إنشاء مخيم للمهجرين في أماكن محددة من قطاع غزة تمهيدا للاجتياح البري. ووفقا لوسائل الإعلام العبرية، فإن وزير الدفاع الإسرائيلي أفي جالنت بدأ التنسيق بشكل جدي للعملية العسكرية في رفح مع نظرائه في واشنطن رغم ما تشيعه أمريكا عن رفض الولايات المتحدة للعملية العسكرية في مدينة رفح جنوبي القطاع.

موقف أميركي رخو

الا ان الرفض الأمريكي من الواضح أنه موقف ضعيف ورخو، ويمكن لمس هذا من خلال ما تعلنه واشنطن بأنها لا تؤيد هجوما بريا كبيرا في رفح إذا لم يتضمن خطة قابلة للتحقيق ويمكن التحقق منها وتضمن أمن مليون ونصف المليون من سكان غزة الذين وجدوا ملجأ هناك بسبب الحرب التي تشنها إسرائيل على الشمال وخان يونس وقبل ذلك في مدينة غزة.

خيم غزة

وبالتالي يمكن فهم أن أمريكا عندما تعلن تغيير موقفها، سيكون مبررها جاهزا ومفاده أن إسرائيل وضعت الخطة المرجوة التي تضمن حياة مليون ونصف المليون مدني ولن تقتل إلا المقاتلين الفلسطينيين، وهو الأمر نفسه الذي تتعهد به أمريكا منذ بداية الحرب التي أسقطت أكثر من 33 ألف قتيل فلسطيني وأكثر من 75 ألف جريح.

بدائل العملية العسكرية

وفي الوقت الذي تقول أمريكا اليوم إنها ستقدم بدائل للعملية العسكرية في رفح تركز على ضرب أهداف محددة مع الحد من الخسائر في صفوف المدنيين، تؤكد إسرائيل وعلى رأسها نتنياهو أن ليس من خيار أمام الدولة العبرية سوى الانتقال إلى رفح واجتياحها كما حدث بسائر أرجاء القطاع.

الانتقال إلى رفح

ولأن هذا الخيار هو خيار إسرائيل، سيكون في النهاية بالتأكيد خيار أمريكا الإلزامي، حيث لن تستحي واشنطن أن تقول في نهاية المطاف أن قتل إسرائيل من تبقى من فلسطينيي القطاع في رفح ليس إلا حق إسرائيلي مشروع في الدفاع عن النفس، أما المجرمون الحقيقيون فهم من قتلوا هناك.

المصدر: أخبار السعودية 24

شاهد أيضاً

نتساح يهودا

نتساح يهودا – أول اعتراف أمريكي بالإرهاب الاسرائيلي

بعدما تسربت معلومات من مصادر أمريكية تفيد بأن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد يُعلن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *