KSA News
مع اقتراب موعد الإنتخابات في اسرائيل يسعى المرشحون إلى الفخر بإنجازات التطبيع التي جرت في السنوات الأخيرة. حيث أن تطبيع العلاقات مع الدول العربية والخليجية بشكل خاص يعطي شعوراً بالطمأنينة للإسرائيليين بأن وجود الإحتلال أصبح أمراً واقعاً وأن القضية الفلسطينية قد تم نسيانها. لكن كما في السنوات السابقة ستجري الإنتخابات الإسرائيلية بدون تطبيع شعبي حقيقي على الرغم من اعتراف رسمي من قبل بعض الدول.
الإنتخابات الإسرائيلية بدون تطبيع
بدأت الدول الخليجية في السنوات الأخيرة استراتيجيات جديدة للتعامل مع دولة الإحتلال الإسرائيلي. وتم تقليص القيود التي كانت سائدة والتي تمنع التواصل مع إسرائيل بأي شكل من الأشكال. وكانت ثمرة هذه الإستراتيجيات اتفاقات ابراهام التي وقعت عليها عدة دول مع اسرائيل. لكن هناك الكثير من الأصوات التي علت ضد هذه العلاقات الجديدة وادعت رفض الشارع الخليجي لها وحرمت دولة الإحتلال من التمتع بهذا الإنجاز ومرة أخرى ستجري الإنتخابات الإسرائيلية بدون تطبيع. فهل ممانعة الشارع الخليجي للتطبيع هي أمر حقيقي أم أنها لا تتخطى كونها كلام إعلامي لمحاولة الوقوف في وجه التطبيع.
بدأت مصر التطبيع مع اسرائيل بعد اتفاقية كامب ديفد في عام 1978. وتلتها الإردن في اتفاقية وادي عربة عام 1994. وبقيت دول الخليج بعيدة عن مثل هذه الإجراءات على الرغم من وجود تقارير تتحدث عن احتمالية وجود تطبيع غير رسمي عن طريق علاقات سياسية واقتصادية وثقافية غير معلنة. بعد ذلك وفي عهد الرئيس دونالد ترامب تم الإعلان عن اتفاقيات ابراهام وتم تطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان. لكن لا يخفى على أحد ممانعة الشارع الخليجي للتطبيع حيث كان له كلام آخر ولم يستطع قبول تواجد الإسرائيليين على أرض بلاده بينما يرى أشقاءه الفلسطينيين يقتلوون بشكل منظم في أرضهم فلسطين.
تجول حاخام اسرائيلي في الرياض
في نوفمبر من العام الماضي دخل حاخام اسرائيلي الرياض بجواز سفر أمريكي وقام بالتجول في شوارع الرياض. حيث قام بالتقاط العديد من الصور ومقاطع الفيديو ونشرها على وسائل التواصل الإجتماعي. حتى أنه قام باستغلال بساطة أحد الرجال الموجودين في أحد شوارع الرياض حيث قام بالرقص معه ونشر المقطع. كل هذه التصرفات كانت محاولة لجس نبض الشارع السعودي لمعرفة مدى قبوله لوجود اسرائيليين على أرض الحرمين.
وقد أعرب الشارع السعودي عن موقفه بما لا يقبل الشك. حيث لاقت هذه الحادثة استهجان المواطنين السعوديين بشكل كبير. وأطلقوا هاشتاق على تويتر بعنوان #حاخام_في_الرياض ليعبروا عن رفضهم لدخول هذا الإسرائيلي إلى المملكة. وقاموا بمطالبة السلطات باتخاذ الإجراءات اللازمة الكفيلة بمنع كل من تسول له نفسه تكرار مثل هذه الحوادث.
هذا الموقف المشرف للشارع السعودي هو رسالة قوية للإسرائيليين الذين يسعون في كل فرصة لطمأنة مستوطنيهم بزوال الخطر عن دولة الإحتلال عن طريق خلق قبول لهم في الشارع الإسلامي. ولن يتمكن المرشحون الإسرائيليون هذا العام أيضاً اللعب على هذه النقطة الحساسة وستكون الإنتخابات الإسرائيلية بدون تطبيع. فالشعب العربي والإسلامي لن يرضخ للأمر الواقع ولن ينسى ثالث الحرمين مهما مر من الوقت.
دخول صحفي اسرائيلي الحرم المكي
في محاولة أخرى لكسر القواعد في المملكة كانت دخول الصحفي الإسرائيلي من القناة 13 الإسرائيلية إلى مكة وجبل عرفات في موسم الحج. حيث يجمع الفقهاء على عدم جواز دخول أو سكن إقامة غير المسلمين في الحرم المكي. ويستندون بذلك على نص قرآني، ولذلك تم وضع لوحات طرقية تطلب من غير المسلمين سلوك طرق أخرى بدون المرور في مكة.
لكن الصحفي جيل تماري رئيس تحرير الأخبار الدولية في القناة 13 الإسرائيلي ادعى جهله بهذه القوانين وقام بإعداد تقرير مطول عن موسم الحج وأعلنت القناة أن جيل هو أو صحفي إسرائيلي يدخل مكة. وقال جيل أنه تمكن من تحقيق حلمه وزار المشاعر المقدسة ووصل إلى جبل عرفات. هذه المحاولة المضحكة من حكومة الإحتلال تسعى لتصوير أن الشارع المسلم رضخ للأمر الواقع وقبل بوجودهم في أرض الحرمين للإستفاده منها في انتخابات نوفمبر.
وبالطبع لم يقف الشارع العربي والسعودي بشكل خاص مكتوف الأيدي. وقام بانتقادات واسعة لهذا الحدث على الرغم من اتباع الصحفي نفس الأسلوب المتكرر بالقدوم إلى المملكة باستخدام جواز سفر أمريكي. وكالعادة ستمر الإنتخابات الإسرائيلية بدون تطبيع
وقد انتشر هاشتاق على موقع تويتر #يهودي-في-الحرم عبر فيه المسلمون عن رفضهم لدخول يهودي إلى أشرف بقاع الأرض واعتبروا أن هذه الحادثة لن تعني أي تقدم لليهود الذين سيطردون لا محالة من أرض المسلمين. وقد قامت السلطات السعودية بإلقاء القبض على السائق الذي رافق الصحفي للتحقيق معه.
التضامن مع الشيخ بن حميد
في أغسطس هذا العام أيضاً وقف الشارع السعودي وقفة مشرفة تضامناً مع خطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن حميد الذي قام بإدانة الممارسات الطغيانية للإحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين المقدسة في خطبة الجمعة. وانتشر هاشتاق #كلنا_الشيخ_بن_حميد على منصة تويتر وأصبح تريند بمحتوى يزيد عن أحد عشر ألف تغريدة.
قام الصحفي الإسرائيلي ايدي كوهين باقتطاع مقطع من خطبة الجمعة للشيخ بن حميد واتهمه فيها بالتحريض على الكراهية حيث وصف الشيخ اليهود في هذا المقطع بـ “الغاصبين المحتلين”. وجاء في ختام خطبة الشيخ: “اللهم عليك باليهود الغاصبين المحتلين، فإنهم لا يعجزونك، الهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم”.
ظهور حمد السويدي في قناة تلفزيونية اسرائيلية
بدوره أثار سائق الرالي القطري السابق حمد السويدي غضباً واسعاً في قطر والعالم الإسلامي بعد ظهوره المثير للجدل في لقاء مع محطة اسرائيلية عبر الإنترنت. ووعد باستقبال حار للإسرائيليين في مونديال قطر 2022 الذي سينطلق بعد أسابيع. كما عبر عم أمنيته بزيارة إسرائيل.
وقد أدت هذه التصريحات إلى حملت انتقادات واسعة دفعت أقرباء السويدي وقبيلته إلى التبرؤ من فعلته. كما تفاعل عشرات الآلاف مع هاشتاق #قطريون_ضد_التطبيع على تويتر. واعتبروا أن السويدي لا يمثل إلا نفسه وأن الشعب القطري ضد التطبيع بشكل كامل. وتساءلوا من أعطاه الحق أن يقول للإسرائيليين أن قطر بلدهم وأنهم أخوة للقطريين. فهذا فكر شعب ورأي دولة ولا يحق لأحد أن يمليه على الآخرين.
كما وصفت عدة جهات قطرية ظهور السويدي بالمستفز واعتبرت أن كلامه التطبيعي يتوافق مع الخطابات الصهيونية الملتوية حول السلام المزعوم. وأن دوام الإحتلال لا يبرر له أبداً القبول بالأمر الواقع. وقد أدى هذا الجدل الكبير إلى وقف محاولة التذاكي الإسرائيلية هذه لتحقيق انجاز بسيط قبل الإنتخابات المقررة في أكتوبر هذا العام وبقيت الإنتخابات الإسرائيلية بدون تطبيع أو أي نوع من أنواع القبول الشعبي.
كل هذا الجدل دفع بالسويدي للإعتذار عن إجراء المقابلة وعن الكلام الذي صدر منه معتبراً أنه أخطأ ، وخير الخطائين التوابون “أعتذر عن لقائي وما ورد فيه للقناة الإسرائيلية وأعلن تضامني مع الحق الفلسطيني. وشكرا لمن نصحني بالحكمة والقول اللين والحسنى اتباعا لهدي نبينا”.
حملة مقاطعة مؤتمر أطباء الأسنان “إيديك”في دبي
انطلقت العديد من حملات المقاطعة لمؤتمر إيديك 2022 الخاص بمستلزمات وأدوات طب الأسنان وذلك بعد التأكد من مشاركة صهيونية في فعاليات المعرض. وقد قاطعت العديد من نقابات طب الأسنان في الدول العربية والإسلامية المشاركة في المؤتمر كما خاطبت الشركات المعنية بتصنيع واستيراد هذه المواد للإلتزام بقرار المقاطعة.
ولاقت هذه الحملة دعم الشارع الخليجي والعربي الذي أطلق حملة على موقع تويتر حملت هاشتاق #قاطع_إيدك. واعتبر المغردون أن رسالة الطب السامية لا يمكن أن تكون غطاء للتطبيع أو أداة لتلميع الإحتلال.
التضامن الشعبي مع كلمة الروائية العمانية بشرى خلفان
الروائية العمانية بشرى خلفان التي ألقتها في ندوة ائتلاف الخليج ضد التطبيع قبل عام، لتضرب اليوم أروع الأمثلة على التزام الأديب برسالته إلى جانب الفاضلين الأستاذة منى الشمري والدكتور علي عاشور الجعفر من الكويت. حيث انسحبت الكاتبة خلفان من مهرجان طيران الإمارات للآداب احتجاجاً على التطبيع مع اسرائيل بدعوة الكاتب الاسرائيلي ديفيد غروسمان. وتبعها عدد من الكتاب الكويتين بالانسحاب في موقف مشرّف للمثقفين والأدباء.
وقالت خلفان كلمات مؤثرة في خطابها معتبرة أن الذي يتخلى عن فلسطين سوف يقبل بالتخلي عن وطنه فمن يقبل بالقمع والإستيطان الذي يحدث في فلسطين لا يحق له التحدث عن حرية الكلمة في بلادة. فالذي يصح في مكان ما يصح في مكان آخر. ومن يقف مع الحق والحرية في بلاده يجب أن يقف مع حق الفلسطينيين في أرضهم.
