تدخل الإمارات في السياسة الأمريكية

تقرير استخباراتي أمريكي يكشف تدخل الإمارات في السياسة الأمريكية

كشفت صحيفة الواشنطن بوست عن تقرير استخباراتي أمريكي يزعم تدخل الإمارات في السياسة الأمريكية. حيث أكد التقرير أن الإمارات قادت السياسة الخارجية الأمريكية لصالحها من خلال سلسلة من الاستغلال القانوني وغير القانوني.

التقرير الإستخباراتي

قام مسؤولو المخابرات الأمريكية بتجميع تقرير سري يشرح بالتفصيل الجهود المكثفة للتلاعب بالنظام السياسي الأمريكي من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة. حيث تم جمع الوثيقة من قبل مجلس الاستخبارات الوطني وتم إطلاع كبار صانعي السياسة الأمريكيين عليها في الأسابيع الأخيرة لتوجيه عملية صنع القرار فيما يتعلق بالشرق الأوسط والإمارات العربية المتحدة، التي تتمتع بنفوذ كبير في واشنطن.

التقرير مميز لأنه يركز على عمليات تدخل الإمارات في السياسة الأمريكية التي تعتبر دولة صديقة وليست قوة معادية مثل روسيا أو الصين أو إيران. كما أنه من غير المألوف أن تقوم الاستخبارات الأمريكية بفحص التفاعلات التي يشارك فيها مسؤولون أمريكيون مع دول صديقة نظرًا لقيامها بالتركيز على التهديدات الخارجية.

افتخار إماراتي

رفضت المتحدثة باسم مكتب مدير المخابرات الوطنية لورين فروست التعليق عندما سئلت عن التقرير. بينما قال سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، أنه فخور بنفوذ الإمارات ومكانتها الجيدة في الولايات المتحدة. “العلاقة الأمريكية الإماراتية أتت نتاج عقود من التعاون الوثيق بين الإمارات والولايات المتحدة والدبلوماسية الفعالة. وهذا يعكس المصالح المشتركة والقيم المشتركة للبلدين الصديقين”

الطائرات بدون طيار MQ-9

وافقت الولايات المتحدة على بيع الإمارات العربية المتحدة بعضًا من معداتها العسكرية الأكثر تطوراً وفتكًا، بما في ذلك الطائرات بدون طيار MQ-9 والطائرات المقاتلة المتقدمة من طراز F-35، وهو امتياز لا يُمنح لأي دولة عربية أخرى بسبب القلق من التناقص. ومن أجل الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل بحسب الصحيفة.

تأثير جماعات الضغط

لا يوجد حظر في الولايات المتحدة على تبرع جماعات الضغط بالمال لحملات سياسية. قال أحد المشرعين الأمريكيين الذين قرأوا التقرير الاستخباري للصحيفة إنه يتم تشويه الديمقراطية الأمريكية بواسطة الأموال الأجنبية، قائلاً إنه يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار. أنفقت الإمارات أكثر من 154 مليون دولار على جماعات الضغط منذ عام 2016، وفقًا لسجلات وزارة العدل الأمريكية

جاء رد الحكومة الأمريكية في أعقاب الخطاب الحماسي للرئيس بايدن أمام الناخبين في انتخابات التجديد النصفي الأسبوع الماضي بأن الديمقراطية الأمريكية مهددة من قبل المصالح القوية وتحتاج إلى حماية منسقة من تدخل الإمارات في السياسة الأمريكية. قال بايدن خلال كلمة ألقاها في واشنطن: “مع وجود الديمقراطية في بطاقة الاقتراع، علينا أن نتذكر هذه المبادئ الأولى. الديمقراطية تعني حكم الشعب وليس حكم الملوك أو المال، بل حكم الشعب”.

تدخل الإمارات في السياسة الأمريكية

رفض الأشخاص الذين شاركوا معلومات التقرير تقديم نسخة منه للصحيفة. لكنهم قالوا أن الأنشطة المنسوبة إلى الإمارات في التقرير تتجاوز مجرد استغلال النفوذ لا بل تعتبر تدخل الإمارات في السياسة الأمريكية. تضمنت واحدة من أكثر التدخلات إثارة للجدل توظيف ثلاثة مسؤولين سابقين في المخابرات والجيش الأمريكيين لمساعدة الإمارات في مراقبة المعارضين والسياسيين والصحفيين والشركات الأمريكية.

إن هؤولاء الموظفين ساعدوا الإمارات في اقتحام أجهزة كمبيوتر في الولايات المتحدة ودول أخرى. في العام الماضي، اعترف الثلاثة في المحكمة بتقديم تقنية قرصنة متطورة إلى الإمارات العربية المتحدة، ووافقوا على تسليم تصاريحهم الأمنية ودفع حوالي 1.7 مليون دولار لتسوية التهم الجنائية. ووصفت وزارة العدل التسوية بأنها “أول قرار من نوعه”. ومع ذلك، لم تتضمن التسوية فترة سجن. ورأى النقاد أن العقوبة المالية تافهة بالمقارنة مع المبالغ الكبيرة التي تلقاها المسؤولون الأمريكيون السابقون لعملهم مع الإمارات، مما أثار مخاوف من أنها لم تفعل شيئًا يذكر لردع سلوك مماثل في المستقبل.

علاقة الإمارات مع مستشار ترامب

ويشير أولئك الذين يسعون إلى الإصلاح أيضًا إلى المحاكمة الفيدرالية لتوماس باراك، المستشار المخضرم للرئيس السابق دونالد ترامب ، الذي تمت تبرئته هذا الشهر من اتهامات تزعم أنه عمل كوكيل لدولة الإمارات العربية المتحدة وكذب على محققين اتحاديين بشأنها. اتهم المدعون الأمريكيون باراك باستغلال وصوله إلى ترامب لصالح الإمارات والعمل على قناة خلفية سرية للاتصالات التي تنطوي على تمرير معلومات حساسة إلى المسؤولين الإماراتيين.

توماس باراك

تضمنت الأدلة المقدمة في المحكمة آلاف الرسائل ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي وسجلات الرحلات الجوية، بالإضافة إلى اتصالات تظهر أن المسؤولين الإماراتيين زوّدوه بنقاط للحديث عند ظهوره في وسائل الإعلام كي يشيد فيها بالإمارات. بعد أحد هذه المقابلات، أرسل باراك رسالة بريد إلكتروني إلى أحد جهات الاتصال التابع لدولة الإمارات قائلاً: “لقد قمت بذلك”. ونفى باراك التهم الموجهة إليه بشدة، وفشل المدعون في إقناع هيئة المحلفين بأن استغلاله لنفوذه أدى إلى مخالفات قانونية. كما تمت تبرئة أحد مساعديه، ماثيو غرايمز.

تفوق الإمارات على بقية المؤثرين

تدعي الصحيفة تدخل الإمارات في السياسة الأمريكية لكنها تقول أن الإمارات ليست وحدها في استخدام التكتيكات العدوانية لمحاولة التأثير على النظام السياسي الأمريكي حسب رغبتها. حيث تدير المملكة العربية السعودية حسب زعمها إضافة إلى قطر وإسرائيل وتايوان وعشرات من الحكومات الأخرى حملات في الولايات المتحدة للتأثير على سياساتها.

اقرأ ايضاً
تحقيق أمريكي بحق إريكسون في قضية فساد في العراق

لكن تدقيق المعلومات الاستخباراتية حول الإمارات يشير إلى مستوى عالٍ من القلق بسبب التأثير الكبير الذي دفع وزراء الخارجية والدفاع والرؤساء الأمريكيين على الإشادة بالإمارات بشكل روتيني. وتأكيدهم الدائم على “أهمية زيادة تعميق الولايات المتحدة للعلاقة الاستراتيجية مع دولة الإمارات العربية المتحدة”.

الإمارات المدللة

منذ عام 2012، كانت الإمارات ثالث أكبر مشتر للأسلحة الأمريكية في العالم. وبنت ما يعتبره الكثيرون أقوى جيش في العالم العربي من خلال:

  • تنمية علاقات وثيقة مع المؤسسة السياسية والدفاعية والعسكرية الأمريكية.
  • قاتلت القوات المسلحة الإماراتية إلى جانب القوات الأمريكية في أفغانستان والعراق وسوريا.
  • تستضيف 5000 عسكري أمريكي في قاعدة الظفرة الجوية.
  • تستضيف سفن حربية أمريكية في ميناء المياه العميقة بجبل علي.
  • غالبًا ما تصفها مراكز الأبحاث والدوائر العسكرية الأمريكية بأنها “سبارتا الصغيرة” لبراعتها العسكرية.
قاعدة الظفرة الجوية

وتتجاهل مراكز الأبحاث سجل الإمارات في مجال حقوق الإنسان على حد تعبير الصحيفة التي تقول أن لا انتخابات ولا أحزاب سياسية في الإمارات ولا قضاء مستقل. كما أن نتقاد الحكومة محظور، كذلك النقابات العمالية والمثلية الجنسية محظورة. وتصنف دول الخليج من بين أقل البلدان حرية في العالم بحسب صحيفة الواشنطن بوست.

اتهامات بغسيل الأموال ودعم الإرهاب

تقف البيئة السياسية الخانقة في تناقض صارخ مع العروض العالمية الفخمة للبلاد بحسب تقرير الصحيفة. بما في ذلك:

  • أطول مبنى في العالم.
  • منحدرات للتزلج داخل مركز للتسوق.
  • عالم فيراري، وهي حديقة ترفيهية مستوحاة من الشركة المصنعة للسيارات الرياضية الإيطالية.
  • أكبر مدنها دبي تعتبر مركز أعمال عالمي معفى من الضرائب.
  • تحوي العديد من الفنادق الفاخرة من فئة الخمس نجوم.
  • تحوي العديد من النوادي الليلية وتقام حفلات الدي جي غير المتوافقة مع الحالة الدينية السائدة في البلاد.

في السنوات الأخيرة، حذر مسؤولون أمريكيون وهيئات رقابية مستقلة من أن التهريب وغسيل الأموال في الإمارات قد سمح للمجرمين والمتشددين بإخفاء ثرواتهم هناك. وتزايدت المخاوف بشأن الإمارات بين جماعات حقوق الإنسان مع تورطها العسكري في حرب اليمن، والتي انسحبت منها منذ ذلك الحين. كما أغضبت الدولة الخليجية المسؤولين الأمريكيين بعد أن قالت هيئة الرقابة التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية أن الإمارات ربما كانت تمول مجموعة فاغنر، وهي جيش مرتزقة روسي مقرب من الكرملين اتُهم بارتكاب فظائع في ليبيا وأوكرانيا وأفريقيا. لكن الإمارات تنفي التهمة.

نفوذ كبير داخل الولايات المتحدة

على الرغم من أن الإمارات العربية المتحدة حافظت على دعم قوي من حزبي الولايات المتحدة، إلا أنها أقامت علاقة وثيقة بشكل خاص بإدارة ترامب، التي وافقت على بيع 23 مليار دولار من طائرات F-35 و MQ-9 وذخائر أخرى إلى الدولة الخليجية وقد يكون العامل الذي أدى إلى الحصول على هذه التسهيلات هو تدخل الإمارات في السياسة الأمريكية.

كشفت “واشنطن بوست” الشهر الماضي عن المغازلة الواسعة التي تمارسها الإمارات مع المتقاعدين من العسكريين الأمريكيين ذوي الرتب العالية. وأظهر التقرير أنه على مدار السنوات السبع الماضية، عمل 280 متقاعدا من الخدمة العسكرية الأمريكية كمقاولين عسكريين ومستشارين لدولة الإمارات العربية المتحدة، أكثر من أي دولة أخرى.

دور السفير الإماراتي في واشنطن

يوسف العتيبة

كان ليوسف العتيبة دور أساسي في نجاح الإمارات في واشنطن، وهو السفير الذي أقام علاقات قوية مع السياسيين ورجال الأعمال الأمريكيين الأقوياء من مختلف الأطياف السياسية. يحرص التقرير الاستخباري على عدم تحديد أفراد معينين، لكنه يذكر عدة اجتماعات ومحادثات شارك فيها مسؤولون أمريكيون وإماراتيون. تشير إحدى المقاطع إلى اجتماع بين مسؤول أميركي كبير ومسؤول إماراتي رفيع، أثنى كل منهما على الآخر لدوره في إنقاذ العلاقة بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة.

قال أحد الأشخاص الذين قرأوا التقرير إنه يحوي إشارة لا لبس فيها إلى العتيبة. وعند سؤاله عن تدخل الإمارات في السياسة الأمريكية والنتائج التي توصل إليها التقرير قال العتيبة إنه “تشرّف بأن يكون من بين مجموعة من الأشخاص الجادين ذوي النوايا الحسنة الذين أقاموا شراكة كاملة ودائمة جعلت الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة والمنطقة أكثر أمانًا، وأكثر ازدهارًا وانفتاحًا”.

سياسات الحد من التأثير الأجنبي

كاتي بورتر

اقترح بعض المشرعين الأمريكيين في كلا الحزبين تشريعات للحد من التأثير الأجنبي في السياسة الأمريكية. من شأن مشروع قانون قدمته النائبة كاتي بورتر (ديمقراطية من كاليفورنيا) العام الماضي أن يمنع لجان الحملة السياسية من قبول الأموال من جماعات الضغط المسجلة في دولة أجنبية. تشمل مقترحات الإصلاح الأخرى توفير المزيد من الموارد لوحدة التأثير الأجنبي بوزارة العدل وتوحيد بيانات التسجيل.

كما قالت آنا ماسوغليا، خبيرة التأثير الأجنبي في OpenSecrets ، وهي منظمة تتعقب الإنفاق السياسي: “في حين أن الولايات المتحدة لديها بعض قواعد الكشف المعمول بها، لا يزال هناك عدد من الثغرات التي تسمح للأفراد بالعمل نيابة عن المصالح الأجنبية في هذا البلد دون الكشف عن عملهم”.

شاهد أيضاً

نتساح يهودا

نتساح يهودا – أول اعتراف أمريكي بالإرهاب الاسرائيلي

بعدما تسربت معلومات من مصادر أمريكية تفيد بأن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد يُعلن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *