المساعدات السعودية الجديدة – تقنين للإنفاق ومنفعة متبادلة

تغيرت آلية المساعدات السعودية وأصبحت تأخذ تقنين الإنفاق بعين الإعتبار، بحيث يصبح أداة فاعلة وذات قيمة لكل الأطراف. مع التركيز على نقل تجربة المملكة العربية العودية في مكافحة الفساد والحوكمة المالية، وتوظيف هذه التجربة في إدارة المساعدات الخارجية، بما يحقق النفع للدولة المستفيدة والمانحة على حد سواء.

السعودية تتصدر الدول المانحة

أكد الدكتور عبدالله الربيعة المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في أواخر العام الفائت على أن السعودية تصدّرت قائمة الدول المانحة. من خلال تقديم المساعدات الإنمائية الرسمية إلى الدول متوسطة ونخفضة الدخل بمبلغ 7,12 مليار دولار أميركي أي ما يعادل 26,71 مليار ريال سعودي.

حيث نشرت “لجنة المساعدات الإنمائية” التابعة لـ “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” هذه البيانات في ديسمبر 2022م التي توضح المساعدات الإنمائية الرسمية التي قدمتها الدول المانحة في عام 2021م، وتعتبر هذه اللجنة أكبر منتدى يضم الدول المانحة ومقرها في فرنسا.

توجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي العهد

إن توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد، كان لها الدور الأساسي في هذا الإنجاز العظيم الذي وضع المملكة في مقدمة العمل الدولي الإنساني عن جدارة واستحقاق.

لطالما كانت المملكة العربية السعودية عبر تاريخها بلداً معطاءً تمد يدها بالخير لمساعدة المحتاجين أينما كانوا. وستستمر المملكة بالسير وفق هذا النهج النبيل في تقديم المساعدات السعودية بما يجسّد القيم الراسخة لقيادة المملكة الرشيدة وشعبها الكريم.

تصريحات وزير المالية

تصريحات وزير المالية في سويسرا خلال جلسة لمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي جاءت مدوية حين قال: إن المملكة لن تمنح مساعدات لحلفائها بدون شروط أولها الإصلاحات الاقتصادية. وذلك بحضور مديرة صندوق النقد الدولي التي أدارت الجلسة.

وفي مقابلة تلفزيونية قصيرة تابع السيد الوزير ما قاله حيث أكد استمرار المملكة في تقديم الدعم المباشر للدول الإقليمية عن طريق الاستثمارات المشتركة، وبما يحقق المنفعة لكل الأطراف. وقال أن هذا الدعم يمكن أن يكون عن طريق طرف ثالث وهو صندوق النقد الدولي. السبب في ذلك هو أنه يشترط معايير إصلاحية مهمة للالتزام وحفظ الحقوق، وهي:

• الشفافية وضرورة إفصاح الشركات المملوكة للدولة عن أرباحها.
• فرض الضرائب على الشركات الحكومية والخاصة بدون استثناءات.
• تعزيز قيم التنافسية والحياد في أسواق المال والأعمال.
• تفعيل دور الدولة في الرقابة.
• إقرار القوانين المحفزة على الاستثمار.
• المسؤولية عن منع الاحتكار.

المساعدات السعودية لمصر

تعتبر المملكة العربية السعودية هي الداعم الأول لجمهورية مصر العربية بما يقدر بـ 14 مليار دولار. مع العلم أن المملكة توقفت عن تقديم المساعدات السعودية غير المشروطة لجميع الدول منذ العام 2018، وذلك انسجاماً مع سياسة الإنفاق الاستراتيجي لرؤية 2030.

أميركا بدورها تعتبر صاحبة المركز الثاني في دعم مصر بما يزيد على المليار دولار أمريكي سنويّاً. لكن معظم هذه المساعدات تكون على شكل معدات عسكرية أمريكية، ولا تقدم على شكل استثمارات أو ودائع أو حتى قروض.

وقد يكون من الغريب سيطرة بريطانيا على سوق الاستثمار في مصر بينما تغيب عن قائمة الدول المانحة. ولا تقدم مساعدات مؤثرة إذا ما قورنت بالسعودية واستثماراتها. حيث لا تتجاوز استثمارات بريطانيا بعض الحصص في عدة شركات مسجلة في البورصة المصرية، وبقيمة لا تتجاوز المليار دولار الواحد.، علاوة على وديعة بنفس القيمة تم تمديدها وسيتم استرجاعها بطبيعة الحال.

المساعدات الإنسانية السعودية

كل ما تحدث عنه السيد الوزير عن المساعدات السعودية لا ينطبق على المساعدات الإنسانية التي تقدر قيمتها منذ بدء أعمالها بنحو 83 مليار دولار. يوجد منصة إلكترونية خاصة بالمساعدات الإنسانية وتعمل وفق أولويات مستقلة تماماً، وتشير التقارير إلى وجود 300 مليون شخص يحتاج هذه المساعدات فيالعالم يحتاجون، بارتفاع قدره 90 مليون شخص عن العام السابق، والجدير ذكره أننصف هؤولاء المحتاجين يعيشون في تسع دول.

يوجد في الحقيقة عجز أممي في تمويل المشاريع الانسانية يقدر بـ 33 مليار من أصل 49 مليار دولار أمريكي مطلوبة لإنجاز أعماله، ويعد هذا الرقم أكبر عجز في تاريخ الأمم المتحدة منذ إحداثها. والغريب بالأمر أن الولايات المتحدة قامت في هذه الظروف الإنسانية العالمية القاسية بتخصيص دعم كبير لأوكرانيا بينما قلصت دعمها للمنظمات الإنسانية العالمية مثل الأونروا.

استغلال التصريحات السعودية

تقوم وسائل الإعلام المرتبطة بالإخوان في دول الجوار وفي الخارج بمحاولة استغلال التصريحات السعودية. وتحاول صنع أزمة بين دول الخليج وبعض الدول العربية، حيث تحاول استغلال مجموعة أحداث صامتة ومتزامنة. الحقيقة أن السعودية في يونيو 2022، قامت بإنفاق ما يقدر بـ ثمانية مليارات دولار على مصر، كما ساهمت في بناء محطة طاقة بقيمة مليار ونصف دولار. ووعدت أن حجم استثماراتها في الأراضي المصرية سيصل إلى 30 مليار دولار، من أجل مساعدة حليف قديم في مواجهة ضعف عملته المحلية ونقص العملة الأجنبية. كما تم تأسيس شركة سعودية مصرية في الداخل المصري، بالتنسيق مع صندوق الاستثمارات العامة.

بعض الدول ترغب في استمرار الدعم السعودي التنموي بنفس الطريقة القديمة. وهذا لا بد أنه يثير الشكوك في طبيعة استفادتها من هذه المساعدات السعودية، وفي تحقيقها لأهدافها.