عشائر غزة

عشائر غزة – ورقة محروقة تحاول اسرائيل اللعب عليها

حاولت اسرائيل وصف عشائر غزة بأنهم أبطال اليوم التالي في حين حذرتهم حماس بلهجة واضحة. وبددورها أكدت العشائر أنها لن تخون فلسطين. وقبل اليوم التالي لنهاية الحرب يطرح الجميع سؤالا، هل تنجح إسرائيل بضرب قوة غزة بالغزيين.

لماذا عادت عشائر قطاع غزة للظهور في الصورة ولماذا خشيت منها حركة حماس ولماذا كان مهمًا بيان “العشائر” الأخير لموقفها من الحرب واليوم التالي الذي تخطط له “إسرائيل” وللتوضيح لابد من الاستعانة بالتاريخ. والتاريخ يقول الآتي كما حال كثير من البلاد العربية لطالما لعبت “العشيرة” دورًا بارزًا في حياة المجتمعات العربية فهي حتى قبل بزوغ فجر الإسلام كانت ملاذ العرب والسلطة الجامعة حتى في الحواضر والمدن. واستمرت على هذه الحال حتى قدوم الاستعمار للمناطق العربية.

سياسة استعمارية

ومع قدوم أي مستعمر فإن أول مساعيه كانت تقوم على تفكيك السلطة القائمة في مقابل توزيعها على فئات مجتمعية كي تكون البديل عن الفوضى لذا قويت سلطة “العشائر” في عديد دول المنطقة في النصف الأول من القرن العشرين وهذا هذه الحال تنطبق على فلسطين. فمع قيام كيان جديد عرف باسم “إسرائيل” عام 1948 سعت الدولة الجديدة التي حلت مكان المستعمر الإنجليزي على الحيلولة دون قيام سلطة توحد الفلسطينيين. لكن مع ضمان عدم اندلاع الفوضى في المناطق التي احتلتها.

لذا أبرمت عديد التفاهمات مع فئات محددة كان أبرزها قادة “العشائر” لضمان الاستقرار والأمن في مناطقهم. وليس معنى ذلك أن “العشائر” التي وافقت على هذه التفاهمات أنها خرجت عن الصف الفلسطيني بل كثير منها كانت وطنية ومتمسكة بالقضية لكن حكم الأمر الواقع فرض عليهم التفاهم مع أعدائهم ومن هنا تحديداً انطلقت فكرة قوة “العشائر” على الساحة الفلسطينية. وذات الأمر جرى حرفياً بعد احتلال “إسرائيل” لقطاع غزة اعقاب العام 1977 والذي أي القطاع كان تحت الإدارة المصرية حتى ذلك الوقت فأصبح غياب السلطة التي تدير شؤون القطاع يتطلب بديلاً.

اللاجئين في غزة

ومن ناحية أخرى فإن “قطاع غزة” استقبل أكثر من ثلاثة أضعاف سكانه من اللاجئين وهذا الكم الكبير من النازحين كان لابد من ترتيبات كبيرة له حتى لا تندلع الفوضى وفي ذلك الوقت كان قد وصل عدد اللاجئين نحو القطاع قرابة مئتين وعشرة ألاف نازح في حين لم تتعدى أعداد السكان الأصليين للقطاع السبعين ألفاً.

وهذا أمر لم يشكل فقط تحدي لـ”إسرائيل” فقط بل لسكان “غزة” الأصليين أنفسهم ما أعطى دفعة أكبر لـ”العشائر” التي أعادت ترتيب صفوفها بل وشكلت مجموعات مسلحة لحماية مصالحها وباتت هي القوة الأكبر في القطاع طوال فترة الاحتلال الإسرائيلي وصولاً لاتفاقية أوسلو والتي أسفرت عن عودة السلطة للأراضي الفلسطينية ومنها كانت “غزة”.

ياسر عرفات

حنكة ياسر عرفات

هنا لم يسعى الرئيس عرفات كثيرًا للاصطدام مع نفوذ وقوة “العشائر” والتي كان لها دور بارز في الانتفاضة الأولى التي اندلعت قبيل اتفاقيات السلام لذا سعى لاحتضانهم واحتوائهم في أركان السلطة الجديدة خلال سنوات التسعينيات ونصف العقد الأول من الألفية الجديدة لكنهم أي “العشائر” ظلوا حتى ذلك الوقت بعيدين عن الانتظام أو انتماء لأي فكرة سياسية أو أيديولوجية وهنا نفتح قوسًا لنقول إن جل الحركات الفلسطينية كفتح والجهاد والحركة الإسلامية والجبهة بشقيها معظمها وثقلها كان في المخيمات وبين اللاجئين الذين هم غالبية الشعب الفلسطيني دون أن ننفي أن كثيرًا من الحركات كان لها جمهورها بين السكان الذين ظلوا في أماكنهم وقراهم ومدنهم.

مشاركة السلطة مع عشائر غزة

لكن هذا الجمهور لا يمكن مقارنته بجماهيرهم في المخيمات وبين أبناء النازحين الذين دفعوا الثمن الأكبر لنكبته فلسطين لكن مع ما يمكن وصفه بحكمة الرئيس الراحل عرفات ودرايته بواقع فلسطين جرى استقطاب أبناء عشائر غزة بل وجعلهم جزءاً من المنظمة والسلطة ولنكسر السرد بأمثلة وردت في بحث منشور في مجلة الدين والمجتمع في الشرق الروسي الصادرة عام 2018 وتحديدا العدد الثاني منها في الصفحات من 14 إلى 64 وبحسب البحث الذي ترجمه الدكتور علي الحافظ تحت عنوان العشائر في الحياة السياسية لقطاع غزة وردت الفقرة الآتية وسنقرأ بالحرف:

اقرأ ايضاً
الصدريون يلوذون بموقف النجف لرفض تعديل قانون الانتخابات

استقطاب ابناء العشائر

أرادت حركة ياسر عرفات بدورها استقطاب أبناء العشائر ضمن الهيئات الحكومية من أجل تعزيز نفوذها على الأرض وأصبح مسؤول العشيرة موظفين حزبيين وتم انتخابهم لعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني عام 1996 والمجالس البلدية ووجدوا وظائف في قوات الأمن وأصبحت العشائر مؤثرة جدًا على مستوى الحكومة المحلية وكذلك في بعض الإدارات حيث شغل ممثلوها مناصبًا رفيعة المستوى وظلوا مخلصين لمصالح العشيرة.

توسع نفوذ العشائر في غزة

ويمكن توضيح تغلغل أفراد العشيرة في الهيئات الإدارية من خلال الأمثلة الآتية حظيت عشيرة المصري من بيت حانون بمكانة جيدة في مديرية المخابرات العامة التي كان يرأسها اللواء محمد المصري وعشيرة حلس في قوات الأمن الوطني بقيادة العميد سليمان حلس وكان العميد عادل حلس مسؤولًا عن إدارة البحث الجنائي كما كان لـ عشائر غزة الأخرى كفارنا وأبو حسينين وأبو سمهدانة وزنًا كبيرًا في قوات الأمن. انتهى الاقتباس

اقتصاد القطاع

اذا تحصلت العشائر في غزة على نفوذ كبير زمن ياسر عرفات لكن لاحقًا وبعد رحيل الرئيس اختلف الأمر حيث انسحبت إسرائيل من القطاع وجرت انتخابات أفرزت لاعبًا جديدًا على الساحة السياسية الفلسطينية ولاعبًا قويًا جدًا وهي حركة المقاومة الإسلامية والتي حتى الآن ثقلها في غزة 90% منهم من قيادات وأعضاء ومنتمين هم من أبناء مخيمات القطاع واللاجئين وحتى عام 2007 العام الذي وصلت فيه الحركة للسلطة كان قرابة 90% من اقتصاد القطاع بأيدي أبناء القطاع الأصليين أو عشائر غزة كما كان لهذه العشائر مجموعات مسلحة وميليشيات كانت تجوب شوارع القطاع مسلحة جهارا نهارًا بل وبحسب البحث السابق المذكور فإن العشائر قبل قدوم الحركة للسلطة في القطاع سعوا لملء فراغ الانسحاب الإسرائيلي وضعف السلطة لكن كان للحركة الإسلامية رأي آخر وتمكنت من حصر نفوذ العشائر وتقليمه عبر القوة تارة ومن خلال التفاهمات تارة أخرى حتى استتب لها السلطة كليًا في القطاع ودون منافس.

تضائل دور العشائر

وتضائل الحديث كليًا تقريبًا عن أي دور أو قوة للعشائر الغزية حتى جاء السابع من أكتوبر وجرت الحرب التي يعلم فصولها الجميع وبرز بشكل جلي الحديث عن اليوم التالي من قبل إسرائيل وهو اليوم الذي تنتهي فيه الحرب بنظر الإسرائيليين بعد القضاء على الفصائل الإسلامية فيها وليصبح الحديث عن البديل.

عشائر ووجهاء فلسطين

وهذا البديل قيل فيه الكثير بداية من قوات أممية ثم قوات عربية أو قوات للسلطة الفلسطينية وجميع هذه الطروح لم تكن واقعية وممكنة حتى خرج الإعلام العبري مؤخرًا للقول أن هنالك صيغة لاقت رضى الإسرائيليين وهي ايكال المهمة لرئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج لبناء قوة بديلة مكونة من أبناء عشائر غزة ما اضطر الحركة للخروج والتصريح بالتهديد والوعيد ولترد العشائر بدورها برفض خطة الإسرائيليين. ولكن هنالك تقارير سربها الإعلام العبري ونقلتها صحيفة الشرق الأوسط اللندنية قالت إن بعض هذه العشائر وافقت ومنها عشيرة كبيرة لكن رفضت المصادر ذكر اسمها لمنع حدوث خلل أمني في القطاع حاليًا وهذه الأخبار إن صحت فإن اليوم التالي لن يقل سخونة عن أيام الحرب.

المصدر: أخبار السعودية 24

شاهد أيضاً

نتساح يهودا

نتساح يهودا – أول اعتراف أمريكي بالإرهاب الاسرائيلي

بعدما تسربت معلومات من مصادر أمريكية تفيد بأن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد يُعلن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *