تمرد في روسيا

تمرد في روسيا – عصيان فاغنر قد لا يكون الأخير

ربما أكثر تمرد في روسيا عالق في الأذهان في العصر الحديث هو تلك اللحظة التي قرر فيها رئيس روسيا الاسبق بوريس يلتسن استخدام القوة لقمع معارضة نواب اعتصموا في مبنى البرلمان الروسي. والذي يسمى بالبيت الابيض الروسي. وفي ذلك الوقت حوصر المبنى بالدبابات والمتظاهرين. وقصف جهارا نهارا. وهكذا قمع اكبر تمرد في تاريخ روسيا الحديث.

بوتين قائد أكبر تمرد في روسيا

وفي حين ظن الروس ان هذا التمرد سيكون الاخير جرى بعد ما جرى. فحتى يلتسن نفسه تم اقتلاعه من الحكم بعد اشتداد مرضه من قبل رجالات الكرملين الذين رأوا بالرجل رئيسا ضعيفا لا يليق بروسيا. ودبروا امر نقل السلطة لمن كان يرى انه الرجل القوي اي فلاديمير بوتين. الذي ظل ممسكا بزمام السلطة قرابة الربع قرن. حتى خرجت مجموعة ترعرع قائدها داخل الكرملين وفي احضان بوتين نفسه وفي مطبخه. واعلنت تمردها على الدولة برمتها وجيشها. بل ورئيسها القوي قبل ان تعلن تراجعها باللحظات الاخيرة.

بوتين و بريغوجين

هل يتكرر تمرد فاغنر

حتى لو خمدت وانطفأت نيرانها. لن يمر ما فعلته فاغنر مرور الكرام في روسيا. فاعلان تمرد في روسيا كهذا وبشكل علني وفي عز الحرب الروسية الغربية في اوكرانيا سيكون له الكثير من التداعيات والكثير من التبعات. كما سيفتح شهية الكثيرين ربما خارج روسيا لتشجيع اخرين على تكرار ما فعلته فاغنر. وهذا ليس كلاما بل كلام صحيفة الفورين افيرز الامريكية. التي سبق وتنبأت بتقرير لها نشرته قبل عام من تحرك فاغنر الاخير بان حركات تمرد قد تندلع في حديقة بوتين.

وعلى الرغم من ان فاغنر كانت تقاتل وتموت في سبيل الكرملين ان وقت نشر التقرير في ديسمبر من العام الفين واثنين وعشرين الا ان الصحيفة الامريكية وضعتهم على قائمة الاطراف المرشحة لاعلان التمرد على موسكو. واللافت، انها لم تضعهم وحدهم على رأس هذه القائمة. بل رشحت جهات واسماء اخرى وقالت ان هؤلاء غاضبون من بوتين. حتى وان كانوا لا يفصحون عن ذلك علانية.

أسباب التمرد في روسيا

الحرب الأوكرانية

وفي قائمة الظروف والاسباب رأت فيها الصحيفة ممهدات او شرارات لاعلان تمرد في روسيا، وضعت الحرب الاوكرانية على رأس القائمة وتفاصيلها التي شكلت صدمة لعديد الروس. فمن البداية حيث اعلنت موسكو قائمة اهداف قبيل الحرب التي اسمتها عملية خاصة. ولم تحقق ايا منها قبل ان تتراجع عنها وتعلن قائمة اهداف اخرى مصغرة. او اقل طموحا.

طول أمد الحرب

وما جرى لاحقا من مفاجأة للجيش الروسي الذي كان يعتقد ان حربه التي سيخوضها في بلاد الاوكران قد تكون اشبه بنزهة. وصدموا بمقاومة عنيفة كلفت روسيا الكثير. وما استجلب ذلك من تداعيات اقتصادية على الروس انفسهم.

ضغوطات اقتصادية

الإقتصاد الروسي

بحسب بعض التقارير وقفت تكلفة الحرب على روسيا بما يقترب من مليار دولار يوميا. هذا بخلاف العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على بلاد الروس وبالتأكيد اطالات امد الحرب حتى ان نهاية لم تلح بالافق لما بات يتخوف كثيرون في روسيا من ان تتحول الى مستنقع شبيه بذلك الذي سقط فيه السوفيت في افغانستان ثمانينيات القرن الماضي. وتحديدا هذا السيناريو ما بات شبحا في اذهان كثيرين.

اقرأ ايضاً
الجيش الإسرائيلي: إطلاق نار يصيب اثنين بالضفة الغربية المحتلة

استنزاف قدرات روسيا وقوتها

فحرب طويلة الامد تعني استنزافا اكثر لقدرات روسيا وقوتها، وبالتالي قد يكون هذا ممهدا مرة أخرى لتمرد في روسيا. فحتى لو انتصرت موسكو في حربها وحسمتها فان طول المدة والتكلفة كفيلة بارهاق الروس. ويضاف الى ذلك كله امر اخر بدأ الروس بملاحظته وربما هو تحديدا ما كان سبب اعلان فاغنر تمردها الاخير هذا. وهو ما سنحدثكم عنه. وايضا بحسب صحيفة الفورين افيرز التي اسمته تعاظم نفوذ الجيش الروسي ووزارة الدفاع بالتزامن مع ما اسمته اخفاقاتها في اوكرانيا.

منح صلاحيات واسعة للجيش

فبسبب الحرب منح بوتين صلاحيات واسعة للجيش مهدت لتدخل الجيش بغالبية قطاعات الدولة في روسيا من الصحة للتعليم للاقتصاد للصناعة وحتى التجارة. كل هذا اثار غضب الكثيرين في روسيا. كان على رأسهم فاغنر التي سبقت الجميع وخرج زعيمها الملقب بطباخ بوتين. للقيام بتمرد في روسيا وشن هجوم على الجيش الذي اتهمه ليس فقط بالتقصير بدعمه بالسلاح، بل اتهمه بالتعمد بقصف قواته ومقاتليه لينتهي به الامر ويعلن التمرد قبل ان يقنعه بوتين بالعدول.

القوميين والمتعصبين الروس

لكن بحسب الصحيفة ايضا هو ليس الوحيد فقد تحدثت عن من اسمتهم القوميين والمتعصبين الروس من الجنرالات المتقاعدين. والذين شاهدوا اداء الجيش الضعيف. وهؤلاء على الرغم من كونهم من دون سلطة او سلاح الا ان لهم صلاتهم داخل مؤسسة الجيش وربما قادرون على احداث التغيير. كما طرحت اسما لاحد الضباط المتقاعدين هو ايجور جركين الشهير بايجور ستريكوف. والذي تولى ادارة وزارة الدفاع في جمهورية دونتيسك عام الفين واربعة عشر. وفي عز الحرب الروسية الاوكرانية الاولى وهو الان يمتلك قناة على موقع التواصل تليجرام تضم ستمائة الف روسي ممن يتابعون اراءه وافكاره التي بغالبها تنتقد ادارة الحرب في اوكرانيا من قبل الروس.

كما قالت الصحيفة الامريكية ان هناك من هو اكثر تعصبا من ستريكوف وهو ضابط سوفيتي متقاعد فلاديمير كافتشكوف. وهؤلاء مصدر القلق منهم هي المتابعة الهائلة لارائهم والتي قد تكون من داخل الجيش نفسه او مؤسسات امنية اخرى ذات نفوذ.

هل تشكل الشيشان خطر على روسيا

وعن قلق اخر تحدثت عنه الصحيفة فهو قادم من خارج موسكو ومؤسساتها والحديث عن الشيشان ورئيسها رمضان قديروف. الذي سبق وانتقد اداء الجيش الروسي وقادته. وطلبهم بحسم سريع للحرب في اوكرانيا. وقديروف هذا حتى وان كان يلقب بفتى بوتين المدلل، فهذا لن يكون كافيا للحيلولة دون استغلاله للاوضاع واعلان تمرد في روسيا. فبروغوجين كان يلقب بطباخ بوتين قبل ان يتمرد عليه. ما يعني ان بوتين سيبقى يعاني القلق. خاصة وان الضرب من الداخل هي احدى ادوات الغرب التي لا طالما احسنوا استغلالها في حروبهم المفتوحة ضد اعدائهم. وروسيا الان هي العدو الابرز للغرب رفقة الصين وعليها الحذر.

شاهد أيضاً

نتساح يهودا

نتساح يهودا – أول اعتراف أمريكي بالإرهاب الاسرائيلي

بعدما تسربت معلومات من مصادر أمريكية تفيد بأن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد يُعلن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *