طريق الحرير الروسي

طريق الحرير الروسي – خطة بدأ تنفيذها لفصل الشرق عن الغرب

سعت امريكا لتطويق روسيا وحصارها وخنقها وعزلها عن العالم. لكن روسيا اخرجت فأسا وشقت طريق الحرير الروسي عبر هذا الجدار الذي بنته واشنطن. وهي الآن في طريقها صوب المياه الدافئة. وفي طريقها لتبني جدارها الخاص بها لقطع الطريق على واشنطن وفصل الشرق عن الغرب.

طريق الحرير الروسي

يمكن تسمية هذا المشروع بطريق الحرير الروسي او بجدار برلين الاسيوي. والذي سنتعرف عليه بالتفصيل في في هذه المقالة. في منتصف شهر ايار مايو الفين وثلاثة وعشرين وفي العاصمة الايرانية طهران. امين المجلس الاعلى للامن القومي الايراني علي شمخاني التقى مع مستشار الامن القومي الهندي اجيت دوفال. وناقش الطرفان امرا بات ملحا ومهما سبق لشمخاني مناقشته مع ايجور لويتين المساعد الخاص للرئيس الروسي. وهو ذا الامر الذي ناقشه بوتين مع نظيره الايراني ابراهيم رئيسي في اتصال هاتفي.

جدار برلين الاسيوي

استعجال بوتين

بوتين يريد الاسراع بالتنفيذ وكلف الايرانيين بالتنسيق مع الهند. وعن هذا الموضوع الذي بات ملحا على مائدة الرئيس الروسي. فهو ممر جديد او طريق الحرير الروسي الجديد والطويل. يعرف باسم ممر الشمال الجنوب. وهذا الممر عبارة عن بناء شبكة طرق برية وسكك حديدية وخطوط ملاحة بحرية تصل بالجنوب. بمعنى انها ستنطلق من العاصمة الروسية الشمالية اي سان بطرسبورج المطلة على خليج فنلندا في بحر البلطيق. وتقطع الاراضي الروسية مرورا بايران ثم تتجه لمدينة مونباي او بومباي الهندية ومنها الى المياه الدافئة في جنوب القارة الاسيوية حيث المحيط الهندي. وذلك عبر ثلاثة مسارات.

  • المسار الاول عبر بحر قزوين. حيث المسار برا من سان بطرسبورج شمال غرب روسيا الى منطقة استراخان الروسية على بحر قزوين. ثم يتم الشحن بحرا بواسطة السفن الى ميناء بندر انزالي الايراني على ساحل بحر قزوين. ثم النقل برا الى ميناء تشابهار الايراني المطل على المحيط الهندي. ثم الشحن بحرا الى مدينة بومباي في الهند.
  • اما المسار الثاني فيسمى المسار الشرقي. وهو مسار بري ينطلق من روسيا الى ايران مرورا بكل من كازاخستان وتركمانستان واوزباكستان.
  • المسار الثالث فهو يسمى المسار الغربي وهو ايضا مسار بري ينطلق من روسيا الى ايران لكن عبر اذربيجان. ويتطلب اكمال بناء خط سكة حديد رشت استارا داخل ايران بطول مائة وستين كيلو مترا لربط ميناء بندر انزالي الايراني مع شبكة السكك الحديدية الروسية عبر اذربيجان.

إعلان المواجهة

اذا شبكة هائلة من الطرق البرية والبحرية بالاضافة لسكك الحديد. وهذا مشروع تم رسمه سابقا على الورق من قبل الروس. وتحديدا في العام الفين لكن حتى ذلك الوقت كانت علاقات روسيا بالغرب جيدة. والطرق بينهما مفتوحة ولم تكن روسيا قد اعلنت بعد عن المواجهة. حيث كانت حقبة التسعينات في روسيا عبارة عن ترتيب للبيت الداخلي ولملمة ركام انهيار الاتحاد السوفيتي.

كان على رأس الحكم رئيس يوصف بالضعيف لدى كثيرين وهو يلتسن. لكن مع قدوم بوتين الساعي لاعادة مجد الروس. بدأ التفكير في موسكو باعادة رسم خارطة العالم. وخلال ما يقارب من الربع قرن من وجود بوتين في السلطة على رأس روسيا جرى فعلا اعادة رسم خارطة الكوكب وان كلف ذلك روسيا الكثير. هذا يعني كثيرا من الحروب في جورجيا وسوريا واوكرانيا. والان عادت لمشروع روسيا القديم اهميته حيث سيكون بمثابة الخط الفاصل بين الشرق والغرب.

اقرأ ايضاً
وزير الخارجية السعودي يؤكد دعم خفض التصعيد في أوكرانيا

شرق طريق الحرير الروسي

فأما عن شرق طريق الحرير الروسي تريد موسكو القول انها مناطق تخصها هي ومن معها بمعسكرها اي الصين. واما غرب هذا الطريق فهي مناطق تسعى روسيا ايضا لترويضها. وبالاسماء ففي حال وضعنا خريطة وقسمناها بممر الشمال الجنوب الروسي هذا سنجد الشرق عبارة عن ايران، تركمانستان، اوزباكستان، كازاخستان، طاجيكستان، جرجستان، افغانستان، باكستان، ومعهم الهند، ثم يأتي سور الصين العظيم، وهذه مناطق للروس، فيها نفوذ متفاوت بين قوي وكبير الى تأثير متوسط.

ما يعني انها مناطق نفوذ حيوي لموسكو ستوفر لها لامتداد والمتنفس هروبا من الحصار الغربي. واغلاق الابواب الذي جرى عقب حرب اوكرانيا والعقوبات الغربية. كما ستوفر اسواقا جديدة لموسكو تشتري منها وتبيع. ومساحات شاسعة للاستثمار. كما والاهم انها ستوفر ممرات نحو المياه الدافئة هاجس الروس عبر التاريخ. والاكثر من ذلك فهي طريق نحو الخليج هذا في روسيا القادم. بوابة لافريقيا ساحة الصراع الجديدة مع امريكا.

غرب الطريق

اما عن غرب هذه طريق الحرير الروسي فهي تركيا واوروبا الشرقية وهنا لا يمكن القول ان روسيا ستهملها. بل هي مهتمة بها فالعلاقات الروسية التركية في تصاعد. وكذلك للروس حلفاء ونفوذ في شرق القارة الاوروبية. ما يعني ان موسكو قادرة على تأمين طريقها هذا بل وحصنته بجدار متين. ستكون قادرة من خلاله على منع تمدد الامريكيين نحوهم.

تحديات وصعوبات

ولان الامال كبيرة على مشروع طريق الحرير الروسي، فالتحديات ايضا كبيرة. اي ان الهدف الروسي هذا طريقه ليست معبدة بالورود. فمن ناحية سيمر جزء كبير من هذا المشروع عبر ايران. وايران واحدة من افقر الدول من حيث البنى التحتية والقدرات العالية على تأمين مستلزمات العبور. كما ان توتر العلاقات بين دول شريكة في هذا المشروع قد تعطل اتمامه وتحديدا الصراع الايراني الاذري. حيث تعتبر ايران حليفة لارمينيا الدولة التي تخوض حربا ضد اذربيجان. بالاضافة الى تحد اخر وهو ضمان بقاء الهند في محور روسيا. فالهند كما هي بلد كبير المساحة والسكان. هي ايضا كعكة كبيرة يسعى العالم كله لقضم جزء منها. لها نفوذ فيها وقد تسعى لعرقلة مشروع الروس.

رشت استارا

لكن مع التحركات الاخيرة يبدو ان موسكو قد عزمت امرها وطهران كذلك فالامال غير تلك التي ذكرناها كبيرة وتستحق. فايران هي الاخرى ترزح تحت عقوبات الغربيين وتبحث عن متنفس لها. كذلك قد يصبح طريق الحرير الروسي بديلا عن مرور السفن بقناة السويس للوصول الى جنوب اسيا. لذا من ان يصبح هذا المشروع واقعا لعديد الاعتبارات الاقتصادية والسياسية. وقد يتحول فعلا الى جدار برلين الجديد الذي يفصل شرق العالم عن غربه.

شاهد أيضاً

نتساح يهودا

نتساح يهودا – أول اعتراف أمريكي بالإرهاب الاسرائيلي

بعدما تسربت معلومات من مصادر أمريكية تفيد بأن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد يُعلن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *