قمة الناتو

قمة الناتو – مشكلات التمويل تحول دون ردع روسيا

على بعد خمسة وثلاثين كيلو مترا من حدود بلاروسيا حليف روسيا الرئيسي وجيب كلينينغراد الروسي عقدت قمة الناتو ورفرفت رايات الحلف في كل شوارع العاصمة اللتوانية فيلينيوس حيث اجتمع اعداء موسكو في حلف شمال الاطلسي. ومعهم شبه صديق بحسب ما تتطلبه المصالح والحاجة.

نذر الحرب

وخلف العناق والمصافحات دوت نذر الحرب بخطط ناقشتها قمة الناتو لاول مرة منذ نهاية الحرب الباردة للتعامل مع هجوم روسي محتمل على كل الغرب. كما كملت وراء الابتسامات والصور التذكارية خلافات وان اجتهد قادة الناتو لاخفائها. لكن ما ظهر منها وما استتر اسعد سيد الكرملين فلاديمير بوتين الذي راقب كل حركة وتصريح واتفاق عن كثب.

زيلينسكي

الأمر الذي ربما سيستفزه اكثر اعلان الناتو امتلاكه قدرات متفوقة على اي خصم تحمله كلفة عالية. وان اي استخدام للسلاح النووي ضد الحلف سيغير تماما طبيعة النزاع. فما هو جديد الناتو هذه المرة وهل على زعيم الكرملين وحلفائه حقا ان يتحسسوا جيوشهم

اذا هجمت روسيا

في وقت دار الحديث عن قرارات مصيرية سيتخذها الناتو سواء فيما يتعلق بانضمام اوكرانيا او السويد. اضافة الى توجيه موجة سلاح غير مسبوقة نحو اوكرانيا ومن طرازات تستطيع بها دك عمق روسيا. لم يعلو في قمة الناتو صوت على صوت الخطة المثيرة للجدل وربما للحرب. حيث توافق الاعضاء على خطة فيها تحول كبير. لانها تتناول بالتفصيل التعامل مع هجوم روسي محتمل. وذلك لاول مرة منذ انتهاء الحرب الباردة.

ورغم محاولة تركيا اجهاض الاتفاق ليس من باب الصداقة مع روسيا وانما من باب تسميات جغرافية اقضّت مضجع اردوغان بما فيها قبرص. الا ان خطة الحرب مع روسيا لحظة هجوم جيوشها على اوروبا ابصرت النور. حيث اكد بيان الناتو اقرار مبادرة الدفاع الصاروخي لتكون مكملة لاستراتيجية الردع النووي. ولن تحل محلها. مع المصادقة على ثلاثة خطط للدفاع الاقليمي من القطب الشمالي وحتى البحر الاسود.

تفاصيل ضحلة عن قمة الناتو

وفي وقت لم ترشح كثير من التفاصيل حول قمة الناتو والخطط التي تم وضعها الا ان مراكز بحث عسكرية. اكدت انها تضمنت كيفية تعزيز دول الناتو لقواتها المسلحة والقدرات اللوجستية وتحديد طرق تمويل الاعمال العسكرية اثناء الحرب وقبلها. ما دفع حلف الناتو الى الاعلان بان انفاق الاثنين في المائة من الناتج المحلي الاجمالي على الدفاع يمثل الحد الادنى المطلوب للنفقات العسكرية لاعضاء الحلف. ومن حيث انتشار جيوش الناتو على الارض.

خطط حلف الناتو

تعزيز الجناح الشرقي للحلف

ان الخطة تقوم على تعزيز الجناح الشرقي لحلف الناتو وتحديث قدرات الدفاع والردع للحلف قرب حدود روسيا. اضافة الى مؤشرات تدل على توافق حول قضايا عسكرية كانت خلافية. وبينها توسيع عديد قوات رد الفعل الاوروبية من اربعين الفا الى ثلاثمائة الف. ووضعهم في حالة تأهب قصوى على بعد بضع كيلومترات من حدود روسيا وحليفتها بلا روسيا. عبر طوق بري يضع قوات حلف الشمال الاطلسي على تخوم روسيا في دول البلطيق مثل ليتوانيا ولاتفيا اضافة لدول اسكندينافية مثل بولندا وغيرها.

مع فرض ما يشبه طوقا بحريا على روسيا انطلاقا من القطب الشمالي ومرورا بالبحر الاسود وصولا لمياه قبرص واليونان في المتوسط. في وقت بدا رد الفعل الروسي اقل من المتوقع على هذا المخطط خرج محللون ليوضحوا بان روسيا ما زالت مؤمنة بان خلافات التمويل ستقوض اي مخطط لحرب روسيا او رد هجومها.

اقرأ ايضاً
إجراء اتصال هاتفي بين ولي العهد ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون

مشاكل التمويل

فمشكلة قمة الناتو لم تكن من الاساس نشر قوات واسلحة الناتو على حدود دول القارة القريبة من روسيا وبلاروسيا. حيث زاد انتشار الناتو في دول البلطيق وبولندا ورومانيا بالفعل بل ان المشكلة لطالما ارتبطت بالمال. وبمن سيتحمل الفاتورة في ظل خشية في بعض دول اوروبا من ان امريكا ستحملهم معظم الحمل. وتجبرهم على رفع الميزانيات العسكرية اكثر بكثير مما كانت عليه.

ومن بين هذه البلاد المانيا التي وعدت لتوانيا بارسال اربعة الاف جندي ولا تزال تتلكأ. اضافة الى فرنسا التي لا تتوقف عن تعهدات باسلحة وصواريخ كان اخرها ارسال صاروخ بعيد المدى الى اوكرانيا يمكنها من دك قلب موسكو. الا ان اي جدوى زمني لم يوضع لتسليم هذا الصاروخ.

خيبات اوكرانيا

وبالحديث عن الجداول الزمنية فلربما هذا اكثر ما يزيد خيبات اوكرانيا. فقمة الناتو التي ارادها زلنسكي لاعلان انضمام اوكرانيا لحلف الناتو جاءت كما التوقعات وخيبت طموح كييف. مع الحديث عن الحل الوسط المتمثل بما يسمى معاملة تفضيلية لاوكرانيا واطلاق يد الدول الاعضاء لعقد اتفاقيات ثنائية معها الى جانب تشكيل ما يسمى بمجلس الناتو واوكرانيا. وتقليص المراحل المطلوبة من اوكرانيا للانضمام الى الحلف. لكن من دون تحديد جدول زمني لذلك.

ان امريكا ما زالت تعتقد ان انضماما فوريا لاوكرانيا التي تحارب روسيا. سيجر الناتو الى حرب مع موسكو اكبر قوة نووية وثاني اعتى جيوش العالم. ما يعني بانه لا يجب استفزاز موسكو اكثر اليوم. لان بوتين ربما بات في موقف حرج ولا يمكن التنبؤ الان بردود افعاله. لتفشل مساعي اوكرانيا بالحصول على موقف امريكي غير قابل للتغيير. بعودة محتملة للرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب الى البيت الابيض. وخصوصا ان موقفه سلبي من دعم اوكرانيا والعلاقة عبر الاطلسي بصورة عامة.

مراضاة زيلنسكي

ومن أجواء القمة يظهر بوضوح كيف حاول قادة الناتو مراضاة زيلنسكي خائب الرجاء باجراءات امنية مؤقتة ملموسة وزيادة تدفق الاسلحة لمساعدة جيش كييف. الا ان كل هذا لم ينفع برفع معنوية زلينسكي الذي استبق قمة الناتو بالقول: “نحن بحاجة الى الصدق في علاقاتنا. وهو الامر الذي ربما قد تحتاجه السويد هذه المرة من تركيا” ففي الوقت الذي تبدو فيه حظوظ السويد تزداد لدخول الناتو مع موافقة اردوغان على تحويل طلب السويد للبرلمان التركي لدراسته الا ان المقايضة التي يبدو ان رئيس تركيا يريدها قد تعقد الامر.

اما هذه المقايضة فهي من شقين. اولها قبول دخول تركيا الاتحاد الاوروبي مقابل عضوية السويد في الناتو. وثانيها الافراج عن صفقات تسليح محتملة بينها طائرة اف ستة عشر المقاتلة. ورغم ان خطوة اردوجان فيها من البراجماتية ما يشكل صفعة لصديقه بوتين بعد الصفعة الاولى باعادة قادة ازوف الاوكرانيين مع زيلنسكي الى كييف. الا ان موسكو خرجت لتؤكد انها لم تتوهم يوما بان تركيا ليست عضوا في الناتو. لكن هذا لن يمنعها من تطوير علاقاتها بانقرة.

فشل في إخافة روسيا

بالنظر الى كل ما حدث في قمة الناتو وكل ما خطط له ان يحدث مستقبلا. فانه ليس هناك الكثير الذي قد يخيف روسيا او يقلب موازين اللعبة. ليبقى الشيء الوحيد الاكيد الذي خرجت به قمة الناتو في ليتوانيا بان الامين العام لحلف الاطلسي سيستمر في منصبه حتى خريف العام القادم. لكن ايضا ستكون هناك نقطة خلافية على من سيخلفه. وحتى ذلك الوقت بامكان بوتين ان يستمر بحربه في اوكرانيا وان يكتفي بمراقبة تفاصيل خطة الرد عليه. اذا فكر بمهاجمة الغرب.

شاهد أيضاً

نتساح يهودا

نتساح يهودا – أول اعتراف أمريكي بالإرهاب الاسرائيلي

بعدما تسربت معلومات من مصادر أمريكية تفيد بأن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد يُعلن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *