انقلاب النيجر

انقلاب النيجر – أفقر شعوب العالم يعيشون فوق الثروات المنهوبة

هذه البلاد السمراء التي تحترق اليوم شغبا وانعدام امن، قلة سمعوا بها وعرفوا احوالها. اسباب انقلاب النيجر الذي قاده الحرس الرئاسي على الرئيس محمد بازوم هو التجهيل والفقر والجوع والفاقة التي لطالما عانت منها البلاد رغم ان شعبها يعيش فوق كنوز ارض تمتلك ثروات طبيعية ضخمة.

بلد التناقضات

النيجر احدى دول الغرب الافريقي واكبرها مساحة ما زالت بلدا للتناقضات بين شعب يكابد مشاق الحياة وكنوز واموال تتفجر من تحته. فالبؤس على وجوه النيجيريين بات ملمحا اصيلا يكتسبونه مع الولادة. وهم يعلمون انهم كان يجب ان يكونوا اغنى شعوب الارض. جراء ما تمتلكه البلاد من ثروات اليورانيوم. والذهب البترول. اضافة الى الاراضي الخصبة الصالحة للزراعة وقد يكون هذا هو أهم اسباب انقلاب النيجر.

الرئيس محمد بازوم

وقد يكون حضور فرنسا من أحد اسباب انقلاب النيجر حيث أنها أحضرت معها المفارقات المبكية لشعبه. بان تكون النيجر من افقر دول العالم اذ احتلت عام الفين وخمسة عشر المرتبة الاخيرة بين مئة وثمانية وثمانين بلدا في مؤشر الامم المتحدة للتنمية البشرية. بينما تشير التقارير الرسمية من وزارة الداخلية في النيجر الى قرابة ثلاثة واربعين بالمائة من النيجيريين يعيشون حالة الفقر المدقع.

تمويل فرنسا

تسهم النيجر عبر ثرواتها الضخمة في تمويل مشروعات فرنسا من الطاقة النووية وتزويدها باحتياجاتها من اليورانيوم والطاقة الكهربائية. اذ ان ثمن الانوار التي تشع من فرنسا لطالما كان عتمات بيوت النيجر التي مثلت قبل الانقلاب كنزا ثمينا لباريس باعتبارها معاقل احفاد شارل ديجول في دول الساحل والصحراء. وهو ما يشرح الخوف والهلع الذي اصاب فرنسا مع بدء انقلاب النيجر على سلطات نيامي.

وثقت النيجر شراكتها مع باريس عندما نقلت فرنسا قواتها المطرودة من مالي عام الفين واثنين وعشرين الى النيجر. بذريعة الاستفادة من الخبرات الفرنسية في التدريب العسكري ومكافحة الارهاب. لكن الجميع كان يعلم ان الحكاية لا علاقة له بتدريب او ارهاب بل بثروات النيجر التي تعد رابع اكبر منتج لليورانيوم في العالم. وفي هذا السياق يمكن ايراد كثير من الادلة بالارقام وبينها ان النيجر تمد فرنسا بخمسة وثلاثين بالمائة من احتياجاتها من اليورانيوم لتوليد الطاقة النووية. وهي تمثل خمسة وسبعين بالمائة من الطاقة الكهربائية الفرنسية.

تعدين اليورانيوم في النيجر

وبالعودة للتاريخ القريب قبل انقلاب النيجر فإن الشركة النووية الفرنسية بدأت تعدين احتياطيات اليورانيوم في النيجر منذ عام الف وتسعمائة وسبعين. واليوم تعتمد شركة اريفا الفرنسية بشكل اساسي على النيجر التي تضيء فرنسا باليورانيوم. كما ان الامر تجاوز فرنسا لكل اوروبا. ففي عام الفين وواحد وعشرين زودت النيجر الاتحاد الاوروبي بما يقرب من خمسة وعشرين بالمائة من امدادات اليورانيوم. ما ساعد على انتاج الكهرباء لملايين الاسر الاوروبية.

منجم يورانيوم في النيجر

ولطالما حاولت النيجر الاستفادة من ثرواتها من اليورانيوم حيث اقرت في العام الفين وستة قانونا بشأن المناجم. لزيادة الضرائب على المعادن المستخرجة من خمسة فاصل خمسة بالمائة الى اثني عشر بالمائة. مع الغاء عدد من الاعفاءات الضريبية. كما طالب الرئيس السابق مامادو تانجاه في عام الفين وسبعة بزيادة تصل الى نسبة بالمائة في سعر شراء اليورانيوم من قبل شركة اريفا الفرنسية. وفي الفين واربعة عشر بعد مفاوضات مطولة تم التوقيع على اتفاق تحصل بموجبه النيجر على فوائد افضل من خلال بناء منجم امورارارين العملاق.

انقلاب النيجر والفقر

الا ان فرنسا ظلت على سياستها بتقديم الفتات للنيجر مقابل ثرواتها. حيث لم يستفد البلد الافريقي على مدار تاريخه من ثراء تربتها. ونضرب مثلا من عام الفين وعشرين حين لم تتجاوز مساهمة ثروات النيجر في الميزانية الوطنية واحد فاصل اثنين بالمائة في وقت زادت الوكالة الفرنسية للتنمية استثماراتها في النيجر من مائة مليون يورو الى مائة وخمسين مليون يورو كقروض ومنح.

وما ادى إلى انقلاب النيجر كذلك هو مأساة المواد المشعة التي يتعرض لها النيجيريين منهوبي الثروات حيث ان انتهاء استفادة باريس من مناجم كوميناك بالقرب من بلدة ارليت الشمالية بالنيجر في مالرس الفين وواحد وعشرين ادى الى اغلاق هذه المناجم ولكن مع ترك السكان المحليين للعيش مع عشرين مليون طن من المواد المشعة في موقع المنجم. وذلك ليس بحسب مصادر نيجيرية بل وفقا للجنة المستقلة للبحوث والمعلومات حول النشاط الاشعاعي ومقرها فرنسا.

اقرأ ايضاً
إصابة رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد بكوفيد-19 ونقله للمستشفى

الذهب في النيجر

وبالطبع لا يقتصر تمويل النيجر لفرنسا على اليورانيوم الذي ياتي جله من منجم سومير المكشوف ومنجم كوميناك تحت الارض. حيث يزخر البلد الافريقي ايضا بكميات كبيرة من احتياطيات الذهب الموجودة بين نهر النيجر والمنطقة الحدودية لبوركينا فاسو. اضافة الى منجم الذهب بهضبة سميرة بمقاطعة تيرا. وهو اول منجم للكشف عن الذهب وانتاجه في النيجر. لكن هذه المناجم تحولت الى احد اسباب جعل فرنسا بين اكبر احتياطات الذهب في العالم.

الفحم والنفط في النيجر

ليس هذا فقط بل تمتلك النيجر احتياطيات من الفحم عالي الجودة في جنوب وغرب البلاد. اما النفط فلدى النيجر احتياطيات نفطية كبيرة تقدر بنحو ثلاثمائة واربعة وعشرين مليون برميل تم الكشف عنها. في وقت تستمر الشركات الفرنسية في اعمال الحفر والتنقيب بصحراء النيجر.

الثروة الزراعية

ورغم ان النيجر تقع في قلب الصحراء لكن التاريخ يؤكد انها كانت تزخر بأراض خصبة. ويدل على هذا ما تركه القدماء من رسومات ونقوش تمثل الحياة البرية. واليوم تنعم النيجر بمنتجات زراعية ومحاصيل استراتيجية مثل الدخن والذرة الرفيعة والكسافة والارز واللوبياء والبصل. اضافة الى الثوم والفلفل والبطاطس والقمح.

الزراعة في النيجر

الجغرافيا والديموغرافيا

وفي معرض حديثنا عن انقلاب النيجر تعرفنا على اهم ثروات هذه البلاد التي تجعلها قرة عين اقتصاد فرنسا لا بد من ان نعرج على بعض الحقائق الجغرافية والديموغرافية حول هذه الدولة التي تعد حبيسة أي لا تطل على اي سواحل. لكنها تبقى واحدة من اهم الدول في غرب افريقيا. لاحتلالها موقعا استراتيجيا باعتبارها بوابة كبرى للصحراء التي تشمل ثمانين بالمائة من مساحتها البالغة واحد فاصل ستة وعشرين مليون كيلومتر.

اما اسمها فقد اطلق عليها نسبة الى نهر النيجر الذي يعبر اراضيها. ويبلغ عدد سكان النيجر نحو وعشرين مليون نسمة. وفقا للوحة المعلومات السكانية العالمية التابعة للامم المتحدة لعام الفين وثلاثة وعشرين. ويشكل المسلمون في النيجر ستة وتسعين بالمائة من السكان الذين يعدون الاصغر في العالم. فهذا البلد الافريقي يعتبر الاصغر عالميا في معدلات الاعمار. بمتوسط عمر خمسة عشر فاصل اربعة سنة. كما ان نصف السكان تحت سن اربعة عشر عاما.

استضافة اللاجئين في النيجر

ولان النيجر تشترك في مع سبع دول فانها تستضيف اكثر من مائتي وخمسين الف لاجئ جاء معظمهم من نيجيريا ومالي وبوركينا فاسو. كما انها تستضيف ثلاثمائة وثلاثة عشر الف نازح داخلي وفقا لمنظمة كونسيلر وورد وايت.

اللاجئين في النيجر

ولكي تزداد مشاكل هذا البلد فان النيجر تشكل نقطة ساخنة لازمة المناخ. بحيث تعد واحدة من اكثر دول العالم حرارة. اذ ترتفع درجات المحلية بمعدل واحد فاصل خمسة ضعف المعدل العالمي.

معاناة مضاعفة

واليوم يأتي الانقلاب ليضاعف محن هذا الشعب. وهو ربما ما يشرح سبب مناداة عديد النيجيريين بالارتماء في احضان روسيا والصين. اذ ان رفع علم روسيا خلال الاحداث الاخيرة في النيجر يذكر بتقارير غربية واخرها لصحيفة ذا تايمز البريطانية تحدثت عن ان عين رئيس روسيا فلاديمير بوتين حاليا على النيجر معاقل فرنسا في غرب افريقيا.

وبحسب هذا التقرير فانها ستكون الدولة التالية التي تخسرها فرنسا لصالح روسيا في غرب افريقيا. لا سيما مع تواجد مجموعة فاغنر الروسية في تسع دول افريقية. وبحسب تقارير الغرب ستكون بوركينا فاسو هي العاشرة. والنيجر هي الحادية عشر. وفي ظل حقائق ان انقلاب النيجر يهدد بالفعل المصالح الفرنسية وربما يتواءم مع المصالح الروسية ومن ثم الصينية. لكن الحقيقة الجلية الاخرى بان شعب النيجر سيبقى الى حين افقر شعب في العالم يعيش على كنز ثروات منهوبة.

شاهد أيضاً

نتساح يهودا

نتساح يهودا – أول اعتراف أمريكي بالإرهاب الاسرائيلي

بعدما تسربت معلومات من مصادر أمريكية تفيد بأن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد يُعلن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *